محمد عبد الستارالدش
هِىَ ذِى تُحبّكَ
هَلْ وَعَيْتَ حوارَهَا؟
فى لمعةِ العَيْنيْنِ
والكلماتِ
والصوتِ المُشَبَّعِ بالنَّدَى؟
فى لَفْتةِ الْوَجهِ الخجولِ
وبسْمةِ الصّبحِ الحنونِ
وما بَدَا مِنْ قَولِها
عَنْ تضحيَاتِ العاشقينَ
وحالِهِمْ؟
فى نسْجِها
لقصيدةِ الشمسِ الزَّكِيَّةِ
حين ترسلُ رُوحَها
للكائناتِ بلحْنِها
تصْحُو
تُسَبِّحُ
تبْتَغِى
بابَ القبولِ
وبعدهُ
بابَ الرِّضَى؟ .
هى لا تَمَلُّ من العطاءِ
ولا تَمَلُّ الكائناتُ
مِن المَحَبَّةِ
والغيابِ بِعِطْرِها.
هِىَ ذى تُحِبُّكَ
هلْ وَعَيْتَ شروقَهَا
إشْراقَها؟
فى نورِ بهْجَتِهَا
تهزُّ القلبَ
دُونَ تحفُّظٍ مِنْها
نَرَاها
كُلَّما نَظَرتْ إليْكَ
أو اسْتَطابَ البَعْضُ ذِكْرَكَ
عِندَها
أَوْ لامَسَتْ
أنفاسُ أحْبَابٍ لِقلْبِكَ
ما تَحَرَّكَ
مِنْ هواءٍ حَوْلَهَا.
هِىَ لاتنامُ كنوْمِنَا.
ترنو إلى كُلِّ النّجومِ
بِقلْبِهَا
فيسارعُ النَّومُ العطوفُ
يضمُّنَا
ونراها
فى أَبْهَى التَّشَكُّلِ
ترْتدِى
منْ كلِّ زهْرٍ حَوْلَها.
وجميعُ رُفْقتِهَا
الطيورُ الفاتِنَاتُ تزفُّها
مِنْ مَوْضعٍ للحالمِينَ
لِمَوْضعٍ للعاشقينَ
لمَوْضعٍ للطالبينَ
ولاجوابَ سِوَى
إشاراتِ الأصَابِعِ
تخْطَفُ الأبْصارَ فتْنتُهَا
وتَمْضِى
لا تَرَى إلَّاكَ
فى كُلِّ اتّجَاهْ.
هِىَ ذى تُحِبُّكَ
هلْ وعيْتَ منامَهَا؟
فى سَرْدِها العَفَوِىِّ
ملفوفا بِعِطْرٍ
عُتِّقَتْ أزْهارُهُ
منْذُ ارْتويْتَ بصَدْرِهَا زَمَنًا
وأنْتَ تَخُطُّ أُولَى معزوفاتِكَ
فى الحياةِ .
وقلْبُها المأهولُ
بالأفراحِ مِنْكَ
يَدُقُّ حتَّى
لا تُجَارِى دَقَّهُ
منْ سرعةِ التَّغييرِ فِيكَ
إلى الفِطامِ
على بِساطِ سمائِها
بشموخِهَا
حتَّى انْتصابِكَ قاطِعًا
كلَّ الشَّرَايينِ التى تَحْمِى
مصالحَ مَنْ بَغَى
أوْ مَنْ تَمَطَّى بالْحدِيثِ
يقولُ بالآياتِ
والأشْعارِ
أو بِمَبَاخِرِ العِلْمِ الحديثِ
مُغَرِّدًا
ليسلِّمَ الجَمْعُ القلوبَ
وأنْتَ لا ترجُو
سوى النّذرِ القليلِ
مِن الشُّعاعِ الصِّدْقِ
يَبْدَأُ فى الوجودِ
وفى التَّأصُّلِ
والنِّموّ
لِيَفْرشَ الظِّلَّ البَهيجَ
على قلوبِ الوَالِهِينَ
بِحُبِّها
ويَمُدُّ أوْرَاقًا
تؤرِّخُ للذين تَنَعَّمُوا
ويُنَعَّمُونَ مِن الطّيُورِ
على اخْتلافِ غِنائِها
وَمِن المِياهِ
على اخْتِلافِ طِبَاعِها
وَمِن الغصُونِ
على اخْتِلافِ ميولِها
وَمِن التّرَابِ الْحَامِلِ الأسْرَارِ
مِنْ كُلِّ المَعَادِنِ
والْهَوَى
مِنْ فِتْنةِ الآثَارِ
رَغْمَ هدُوئِها
مِنْ رَحْمَةِ اللبَنِ المُصَفَّى
وَابْتِسامَتِهِ الشَّفِيفَةِ
رُغْمَ كُلِّ ضَجِيجِهَا
هِىَ ذِى تَرَى ما قَدْ يَجِىءُ
وَلاتُؤَرِّخُ
إنَّهُ مازَالَ فى رَحمِ الْمَغِيبِ
يُشَكِّلُ الْآنَ المُنَاسِبَ
والرُّؤَى
حَتَّى يَهِلَّ
وَيَسْتَطِيعَ السَّيْرَفى سَاحَاتِهِ .
هِىَ ذِى تُحبُّكَ
هلْ تُحبُّ صباحَهَا
ومساءَهَا،وقُدُومَها
وذهابَهَا ،وحُضُورَهَا
وغيابَها ،ووجُودَهَا
وفَناءَها ،وعَطَاءَهَا
وضَنينَها ،وبَرِيقَهَا
وأفولَها،ضحكاتِها
وبكاءَهَا ،أسْمَاءَهَا
أخبارَهَا، ألوَانَهَا
هلْ تُحبُّ عَبيرَهَا؟
دَقَّاتُ خطوتِهَا
تُبارِكُ عُودَهَا
تَلْهُو مع الأطفالِ
فى عرْضِ الطَّريقِ
يَضُمُّها فَرَحٌ
يُناسِبُ وقْتَها.
يدُهَا تُلامسُ
كلَّ عنوانٍ
ستقرأُ
فى صحيفتِكَ البَهِيَّةِ
مِثْلِهَا.
عُودًا مِن النّعْنَاعِ
تَدْخُلُ مَنْ يَرَاهَا
تُشْعِلُ الرّوحَ الْوَرِيفَةَ
ثُمَّ تمْضِى
تَفْتحُ الأبوابَ
لِلْحُبِّ الذى يَهْوَى
التَّمَتُّعَ بالحياةِ
يعيشُ مِنْ نَفسٍ
إلى نَفسٍ
يُحَرِّكُ كُلَّ شَىْءٍ راكدٍ
لِيلامِسَ
النُّورَالْمُغَرِّدَ بالطّيُوبِ
وبِالْحَمَامِ
على طريقِ السَّالكِينَ
إلى الصُّعودِ
إلى الْوُجُودِ العبْقَرِىّ.
هِىَ ذِى تُحِبُّكَ
كلُّ يَومٍ تَرْقُبُ الْأُفْقَ الْمُغَامِرَ
فَوْقَ ظَهْرِ طمُوحِهِ
وَتُحَدِّثُ الناسَ
الذينَ يُسافِرونَ
وَمَنْ أَقَامُوا
كُلَّ مَنْ يَهْوَى القراءةَ
أوْ تَبَاعَدَ
تُرْسِلُ الكلماتِ
للطّيْرِ الْمُحَلِّقِ لِلْأَعَالِى
والْقَريبِ
تُوَزِّعُ الْحَلْوَى عَلَى الأطفالِ
تطلبُ أنْ يُغنُّوا
لِلْعصافيرِ البريئةِ
والرَّيَاحينِ الْفَطِينةِ
والنَّدَى.
وتَخُطُّ خَطًّا كُلَّ يَومٍ
ترسمُ العَيْنَيْنِ
والشَّفَتيْنِ
والأنْفَ الْأبيَّةَ
واللسانَ بشَهْدِهِ
ويجيئُها
طَيْرٌ مِن الطَّمْى الزَّكِىِّ
لدَيْهِ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ
يَزُفُّها الْبُشْرَى
بِمَوْلِدِ نِجْمِ
مَنْ تَبْدُو ملامِحُهُ
عَلَى وَرَقِ الْمَحَبَّةِ
يَعْبُرُ الْعَتَبَاتِ
يَحْبسُ الْأنْفاسَ
فى قَبَسٍ مِن النَّارِ النَّبِيلَةِ
فى قلُوبِ أَحِبَّةٍ
ليْسَتْ لَهُمْ
أطْماعُ لَهْوٍ أَوْتِجَارةُ
عابرٍأوْ عابثٍ
ويُضىءُ كُلَّ مساحةٍ
كانتْ تنامُ على الظلامِ.
تَبَسَّمَتْ ؛إذ أَدْرَكَتْ
أنَّ الحبيبَ عَلَى طريقِ وصُولِهِ
مابَيْنَ وَقْتٍ قَدْرَ ضحكةِ طفلةٍ
أوْ بَيْنَ عَيْنٍ قَدْرَلَمْحَةِ فَرْحَةٍ
وتُشِيرُ فى لَهَفٍ عَلَيْكْ.
هِىَ ذِى تُحِبُّكَ
هلْ ستبْقَى صامِتًا؟
أمْ أنَّ صمْتَكَ
مُنْتَهَى الْحُبِّ الَّذِى
جَعَلَ القصيدةَ فى حَيَاةٍ
تَهْجُرُ النَّومَ الرَّدِىءَ
ودَنْدَنَاتِ التّائِهينَ
وطَنْطَنَاتِ الزَّاعِقِينَ
وتَرْتَدِى مايُبْهِرُ الأنْفاسَ
بالنَّظَراتِ
تَشْغَلُ مَسْرَحَ الدُّنْيَا
بِحلْمِ حَيَاتِهَا
وتُهَيِّئُ الْأَجْوَاءَ
حتَّى يَدْخلَ الْبَطلُ الْمُرَادُ
على بِسَاطِ الْوَقْتِ
والسُّجَادةُ الحمراءُ تُفْرَدُ
والْجميعُ يُصَفِّقُونَ
ويَنْحَنِى ،ويُصَفِّقُونَ
ويَنْحَنِى ،ويُصَفِّقُونَ
ولا تُحَوِّلُ عَيْنَها عَنْهُ
تُقَدِّمُ وَرْدَةً
فرآهَا فِيهَا فابْتَسَمْ.
[إنِّى أُحِبُّكِ] قَالَهَا فى نفسه.
:هل تَقْبَلِينَ مَحَبَّتِى؟.
مَدَّتْ يَدا .