الكاتبة الأمريكية صاحبة الكتب الأكثر مبيعا في العالم، سبق وان كتبت بأسماء مستعارة هي إليزابيث بيترز و باربرا مايكلز حتى استقرت على اسمها الحقيقي ولا يعرف سبب ذلك التصرف، لكن من المرجح أنها اختارتها من الأسماء الأولى لأطفالها .
السيدة ميرتز كتبت أكثر من 70 كتابا تفاوتت بين الرواية الطويلة والقصة القصيرة والدراسة العلمية، وهي بهذا تكون أول كاتبة غربية تعنى بهذا الجانب على مدى سنوات عمرها الطويل، ومن أهم أعمالها “الأرض الحمراء” و “أسود الأرض: الحياة اليومية في مصر القديمة” و “المعابد والمقابر والهيروغليفية: التاريخ الشعبي في مصر القديمة”.
قال عنها الناقد الأمريكي الراحل أورفيل بريسكوت في أحد مقالاته في النيويورك تايمز: إنها تتمتع بحماس نادر تجاه هذا الجانب من علم المصريات، ويبدو أنها كذلك لديها معرفة واسعة بأسرار وخبايا ذلك العلم. بريسكوت كان قد كتب ذلك عقب استعراضه كتابها “المعابد والمقابر والكتابة الهيروغليفية “.
ميرتز في قصصها البوليسية تقترب كثيرا من أجاثا كريستي لتأثرها الشديد بها، ولأن الأخيرة كانت قد سبقتها في رحلاتها العلمية إلى مصر والعراق صحبة زوجها عالم الآثار، وأنتجت من واقع هاتين الحضارتين بعضا من أنجح رواياتها البوليسية، لكنها لم تستمر كما استمرت ميرتز التي تأثرت أيضا بجين أوستن في بعض أعمالها الرومانسية، أما باقي أعمالها فقد تناولت من خلالها بحوث علمية وتاريخية كان من أشهرها بحثا مستفيضا عن علم الآثار الأترورية، وآخر عن توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر، وعن أشهر النساء في التاريخ القديم حمل اسم بطلات مقدامات، وكثيرا ما كانت السيدة ميرتز تستخدم بعضا من شخوص رواياتها أساسا للخوض في مغامرات باتت معروفة فيها منها فيكي بليس أول هذه الشخصيات وهي مؤرخة الفن في المتحف الوطني في ميونخ، جاكلين كيربي أمينة مكتبة الروايات الرومانسية والمفضلة لديها، أميليا بيبودي عالمة المصريات في العصر الفيكتوري والتي لعبت البطولة في 19 رواية، هؤلاء الثلاثة نجدهن في العديد من رواياتها يتنقلن في مناطق الشرق الأوسط وأوربا، وهناك بطلات استخدمن مهاراتهن الجنسية كوسيلة للوصول إلى غاياتهن .
أجمل ما يمكن قراءته في روايات ميرتز، هو ذلك الصراع الأزلي بين الإنسان كأداة عمل لديمومة مناحي الحياة وعاطفته التي يمكن لها أن تحد من نشاطه العملي بسبب أن الآخر قد لا يستسيغه فيكون عامل إحباط لهذا النشاط ، هذه الرؤى والأفكار كثيرا ما تعين القارئ على معرفة ما يفكر به أبطال رواياتها، وقد تكون مريتز هي نفسها بيبودي إحدى تلك الشخصيات كما في رواية “التمساح على الرمال” الصادرة عام 1957 وهي أول رواية في سلسلة بطلتها عالمة المصريات، تلك التي غالبا ما كانت تتصارع أهوائها بين الرغبة بالتفرغ لعملها وعاطفتها، فهي تحاول أن تكون مستقلة بآرائها، لكنها في النهاية تحاول التوفيق بين حبها لهذه القطع الطينية القديمة وحبها لأول رجل يقتحم أحلامها.
ولدت باربرا ميرتز في 29 سبتمبر 1927 في كانتون بولاية إلينوي، قالت أنها أصبحت مفتونة بمصر القديمة عندما تولت خالتها المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو عندما كان عمرها 13 سنة، حصلت على درجة البكالوريوس في علم المصريات كما حصلت على الدكتوراه عام 1952 بنفس التخصص، إلا أنها لم تتمكن من العثور على عمل في الأوساط الأكاديمية بسبب التمييز على أساس الجنس آنذاك، لم تشعر بالقلق حينها لأنها وجدت في زوجها خير من سيحقق أحلامها عمليا وذلك بالسفر إلى موطن الآثار التي عشقتها في مصر، وهكذا سافرت مع ريتشارد ميرتز زوجها اوائل عام 1960 حيث كانا يعيشان في ألمانيا وانفصلا عام 969 ، تم تكريمها بجائزة غراند ماستر التي تمنح عادة لكتاب الخيال العلمي الأمريكان وهي من أرفع الجوائز هناك تأسست عام 1957 .
وهكذا طويت صفحة جميلة ومهمة من صفحات الروائية والعالمة الآثارية باربرا مريتز التي أماطت الكثير من أسرار الحضارة الفرعونية في مصر عبر رواياتها ودراساتها التي لم تقف عند حدود هذه الحضارة فقط بل حاولت قبل رحيلها إماطة اللثام عن الحضارة الرومانية، لكن القدر لم يمهلها ذلك ورحلت دون أن تكشف لنا ما أحاط بتلك الحضارة من أسرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن صحيفة: نيويورك تايمز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد فاضل
مترجم وناقد – العراق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاص الكتابة