بائع الفخار

سمير عبد العزيز
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سمير عبد العزيز

تحت وهج الشّمس الحارقة يجوب الشّوارع والطّرقات حافيا يدفع عربة يد  محملّة بالأواني الفخّاريّة ينادى عليها لجلب الزبائن.. بين الفنّيّة والأخرى يخرج من جيب بنطاله المهترئ منديل قماش كبير بهتت ألوانه يمسح العرق المتصبّب من جبينه، صوت المذياع من أحد المقاهى المتناثرة يردد خطاب تنحي جمال عبد الناصر عن السلطة.

قبل غروب الشّمس ترقبه زوجته من نافذة الغرفة المطلّة على فناء الحارة.. يعود بوجه شاحب وعينين ذابلتين.. يترك العربة بجوار المنزل ويغطّي بضاعته بغطاء قديم متهالك، يدلف إلى الغرفة ويلقى بجسده المنهك على الأريكة.. قدماه تؤلمانه بشدّة من المشي حافيا وكذلك ساقاه.. في الماء الدّافئ الممزوج بالملح الّذي أعدته زوجته يضع قدميه.. يشعر بارتياح كبير.. من جيب بنطاله يخرج كلّ ما معه من نقود ويعطيها لزوجته.

يلقي نظرة على أبنائه الصغار وهم يغطّون في نومهم على حصيرة من الخوص.. يسأل زوجته: هل تناولوا طعاما قبل أن يناموا؟ تجيبه بأسى: كلا فقد طفقوا يبكون وناموا من شدة الجوع.

يتنهّد تنهيدة ثقيلة موجعة.. بعد برهة من الصّمت قال لها: اذهبي واشترى لنا شيئا نأكله، فأنا لم أذق طعم الزّاد منذ الصّباح.

وأضاف وهو يشير إلى أبنائه: أيقظيهم ليأكلوا معنا.

بعد أن تناولوا طعامهم البسيط وشربوا الشاى جلسوا يتسامرون ويضحكون حتى يغلبهم النوم.

في الصّباح يخرج كعادته حافيا مرتديا سترته البالية وبنطاله المهترئ يدفع عربته أمامه يطوف بها الشوارع مناديا على بضاعته الفخارية.

 

مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

ثقوب