عماد بدر
استوقفته، ونادت بائع الألوان كأنها عسكري مرور يتحكم في سير المفاجآت، فهو يمر كل يوم من نفس المكان بثيابه الرثة وشعره الطويل ويحمل في جيوبه الكثيرة أشياء لا تلبث أن تتساقط بسرعة ثم تتلاشى.
طلبت منه اختيار بعض الألوان ليرسم لها صورة، فتردد وانشغل بالمارة ثم التفت إليها قائلاً: مازلت صغيرة وألوانك طبيعية، لماذا تريدين أن تظلي في هذه الإشارة؟ إنها دائما مزدحمة، سوف تشتاقين يوما إلى الضحك والبكاء واللعب والغناء.
ردت عليه بسخرية: أريد أن أتذكر شكلي عندما أكبر، وبائع الألوان لا يمر كثيرا من هنا، انظر لقد هرب عندما سمع كلماتك، سوف أبحث عن رسام غيرك في إشارة أخرى.
ذهبت إلى الإشارة التالية فرأت بائع الألوان يحمل في يده جيتارا يقف عليه عصفور وفي منقاره ريشة من جناحه، وكلما ضرب بالريشة على الأوتار يصدر نغما جميلا، وتفتح إشارة ليمر بعض المشاهدين والمعجبين به، غمرتها السعادة وتمنت أن تحتفظ بصوت النغم التي يصدره العصفور، ولكنها لا تجد الرسم، اختفى بائع الألوان مرة أخرى، سارعت إلى الإشارة التالية لعلها تجده، لكنها وجدت الرسام مرة أخرى، فهرول إليها في لهفة قائلاً: معذرة لقد رجعت أبحث عما تساقط من جيوبي ولم أجده، لا بأس هيا لأرسم لك الصورة.
قالت: لا جدوى فقد ذهب بائع الألوان، عليك أن تبحث عنه وتجده في إشارة مزدحمة قبل أن تتغير ملامحي.