المقاولون العرب.. عثمان أحمد عثمان وشركاه (1-2)

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

رغم أنني لا أفهم في المقاولات، ولا علاقة لي بالهندسة سوي احترامي وتقديري لهذا العلم وأن شقيقي مهندس إلكترونيات.  إلا أنني منذ الصغر وأنا أضمر إعجابا ,إكبارا عميقا لشركة المقاولون العرب، وكان  ومازال  رؤيتي لشعار الشركة بجوار أي مشروع  تحت الإنشاء هو دليل على أن هذا المشروع سيتم بنجاح، وأنه لابد وأن يكون مشروعا عملاقا ضخما.

وأتذكر وأنا المرحلة  الابتدائية أن فاز نادي المقاولون العرب ببطولة الدوري المصري موسم 1982- 1983  وكان لهذا الفوز أثرا كبيرا في تصدع علاقتي بصديقتي وزميلتي في المدرسة  “نضال إبراهيم” فقد كان والدها مهندسا بالمقاولين العرب، وبالتالي كانت تشجع نادي المقاولين وكان تشجيعها  قبل فوز “المقاولون” بالدوري تشجيعا هادئا وكنا نتفهم أسبابه. بمجرد حصول نادي  “المقاولون” على درع الدوري بدأت  “نضال”  حملة  بين تلاميذ المدرسة لتكسب مشجعين ومؤيدين للنادي الصاعد حديثا،  ولكنى كنت لها بالمرصاد دفاعا عن النادي الأهلى، فأنا ككل المصريين أهلاوية الهوى (حتى إن كنت  لا أتابع مباريات الكرة  وأعرف أسماء  بعض اللاعبين من باب الثقافة العامة) وكنت أرى أننا إذا غيرنا انتماءنا الكروي من فترة لأخرى وتحولنا من تشجيع نادينا التاريخي إلى تشجيع ناد آخر  لمجرد أنه كسب الدوري فلن يكون لنا أي انتماء كروي حقيقي وبالتالي لن يكون لنا أي انتماء وطني أصيل ( …تصفيق عالي..).

ورغم عدم تشجيعي لنادي “المقاولون العرب” إلا أن ذلك لم يمنع رسوخ الصورة الذهنية لشركة “المقاولون العرب” في ذهني،  فكما أنه يمكن تدل علامات جنرال موتورز  على أمريكا ، و”بيجو” على فرنسا  و”مرسيدس” على ألمانيا . فإن ” المقاولون العرب” هي علامة على مصر الحديثة كما كانت الأهرامات علامة على مصر القديمة.

تذكرني المقاولون العرب بالإمبراطوريات الضخمة، تداعب في خيالي الحلم بما يجب أن تكون عليه كل الشركات المصرية، وبما يجب أن يكون عليه العامل المصري من كفاءة وانضباط، فلا يوجد مجال أو نشاط متعلق بالإنشاء والبناء إلا وللشركة فيه باع وسبق. لافتات المقاولون العرب موجودة في كل مكان تراها عند إنشاء  الكبارى والطرق والأنفاق والمطارات ومحطات الكهرباء  وتمتد إلى الأنشطة التخصصية والمكملة لنشاط المقاولات مثل الخرسانة الجاهزة وترميم الآثار و الري و صناعة السفن و الاستشارات الهندسية وغيرها. وقد وصل حجم أعمال الشركة في العام المالي 2014- 2015 إلى  15 مليار جنيه  و879 مليون جنيه أي ما يقارب 16 مليار جنيه.  ويبلغ عدد العاملين بها 72 ألف عامل ينتشرون فى عشرات المواقع داخل مصر وخارجها. وعند زيارتك لأية دولة عربية  فإنه ما من مبنى ضخم أو رئيسي  مثل مبنى البلدية  ومبنى مجلس الأمة في الكويت، مبنى الكلية الحربية بالرياض وغيرها في الإمارات ولبنان والمغرب إلا وستجد على لوحته توقيع العامل المصري بشركة “المقاولون العرب”.

وكان مما يحيرني وأنا صغيرة مقولة أبي إن “المقاولون العرب” شركة قطاع عام أي أنها تتبع  الدولة ويتمتع العاملون فيها بمزايا ضخمة وتوفر لهم الشركة خدمات كثيرة لا تتوافر لعاملين في أي مكان آخر. بل إن أبي كان يقول إن  السفر لدول الخليج لا يوازيه في مصر إلا العمل بالمقاولين العرب  وكان هذا الحديث في الثمانينيات .

كان عقلي الصغير لا يستطيع أن يفك لغز كيف تكون “المقاولون العرب”  قطاعا عاما وتحمل في الوقت نفسه بقية التسمية “عثمان أحمد عثمان وشركاه”؟  بل إن التعبير الذي كان رائجا لوصف العاملين بالشركة كان أنهم يعملون في شركة  “عثمان”   

وعن  المعلم  والمهندس “عثمان” للحديث بقية .

مقالات من نفس القسم