المتواري بين الظلال

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إيثار أحمد*

بينما كنت ارشف بعض القهوة الساخنة كان يقف هناك بجوار الأريكة

أشعة الشمس المنبعثة من الشرفة لم تكن كافية لأرى وجهه

انه هناك متوارٍ بين الظلال يرمقني بحدة لا أتبين ملامحه

لكني أشعر بنظراته تخترقني

أتهرب منه .. أذهب لغرفتي أستمع لبعض الموسيقى كي أنشغل عن التفكير به ..

أقوم ببعض الحركات الانسيابية المتماشية مع النغم

أتوقف للحظة .. أشعر أن عينيه تراقبني

أنظر إلى الشق الأسود بخزانتي أرى عينيه , نعم إنه هو المتواري

هرعت خارجة أحاول أن أتناسى الأمر .. أشغل نفسي بتحضير بعض الحساء

وبينما امتدت يدي لتحرك المزيج الساخن أحسست كأنها ملقاة في بركان ملتهب

داويت الحرق ثم لمحته من هناك ينظر الي بتمعن

بقيت مستيقظة حتى الصباح

الآن ستشرق الشمس .. الآن موعده

جلست في ذات المكان

متوارٍ كعادته يخطو باتجاهي

استجمعت قوتي .. صرخت فيه .. ماذا تريد ؟

قال بشيء من الرهبة : أود محادثتك

ضحكت ضحكة مستنكرة : هذا كل شيء ؟

قال بصرامة : نعم ، هل قبلت دعوتي

حسناً و لكن هل تعدني بعدم ملاحقتي . –

افعلي وبعدها احدد . –

هززت رأسي بالإيجاب ثم اختفى

لا أعلم كيف سنلتقي ولا يهمني معرفة ذلك .

مضى يومان ولم يظهر بعد حتى حسبت أني تخلصت منه إلى الأبد

ولأول مرة منذ زمن بعيد بإمكاني أن أخلد للنوم .. نوم عميق جدا

” يرموك ” ذو الوجه المتآكل والصوت الذي كفحيح الأفعى

كأنما تجمعت كتلة من الأتربة كي تخنق حنجرته

قالها بنظرته السحرية و صوته الذي بالكاد أسمعه

يرموك.. اسمي يرموك

تشبكت يديه بيدي كما لو كانتا معا تصنعان جسراً لعالمه الخاص

نظرت له بأسى ثم تلاحقت على وجهي تلك القطرات المالحة

أفقت بعدها لأدرك أن ذلك كان مجرد حلم

لكني مازلت أشعر بلمسته كما لو كنت أسيرته

لسبب غامض لا أعرفه قررت التصالح معه ..

كنت جالسة كعادتي بينما هو يجثو على ركبتيه

يرجو مني الموافقة على طلبه

لكني لم أكن لأفعل ما يريد مني

لن أعيش مقيدة في ذاك القصر

قلت له بلغة مشوشة أني سعيدة بما أنا عليه

قالها بنوع من التهديد :

إذاً أنت لا تريدين أن أكون معك

يرمو…

لم يترك لي مساحة للدفاع عن نفسي

تابع : نعم أنت كذلك لا تنكري

ثم ذهب تاركاً في قلبي الكثير من الجراح التي لا يقدر على مداواتها الزمن

نعم إنه صادق فيما يقول

إنه يقدم لي فرصة ذهبية أكون بها حاكمة لمملكتي الخاصة

و هو بجانبي لا يتركني للحظة

يجب علي التضحية سأفعل ما طلب نعم أنا قادرة على فعل ذلك

ذهبت إلى سريري ارتديت ذاك الثوب الأبيض الذي

لطالما أردت أن تحل نهايتي و أنا ارتديه

أصعد إليه ودموعي شديدة الانهمار

أسطح جسدي على ذلك الفراش الذي سيحتجزني لسنين

أردت دائما أن أكون كتلك الأميرة النائمة

التي كثيراً ما يحكى عنها في القصص الأسطورية

شعري منسدل على الوسادة

أشبك أصابعي ببعضها البعض الآن سأتوج بتاج الموت

الآن أنا محتجزة في ذاك القصر المميت

أعيش حقاً في مملكتي الخاصة لكن بمفردي

يرموك ..

إنه هناك محتجز في تلك الصورة الخرقاء يمد لي يديه مباعداً أصابعه

حتى تتشابك مع أصابعي لكني لست قادرة على إجتذابه

أنا الآن وحدي .. أنا الآن بين الظلال

ــــــــــــــــــــــــــ

* قاصة مصرية  ( 11 عاما )

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

خلخال