عند هذا الجزء من الحكاية يرتعش صوت الليل، ويقول لمن تخيط جرحه إنه لا يرى دمًا ينزف من قلب الشابة، إنما يسمع له تنهدات لم يعرف أبدًا إن كانت للألم أم الراحة، ويشمّ منه رائحة لم يعرف اسمها أبدًا، رغم كل ما عرفه فى حياته، كأنها مزيج من رائحة كل زهور العالم، يحكى الليل أنه يتوقف فى كل مرة، ولا يحوّل عينيه عن الشابة المشغولة بخياطة قلبها إلى أن تنظر إليه، حتى لو اضطر أن ينتظرها يومًا أو يومين، فيرى فى عينيها ما لم يعرفه حتى الآن، وعندما يسألها إن كانت تحتاج أىّ شىء، تنظر إلى قلبها وتواصل خياطته، دون أن يتوقف هذا القلب عن النبض والتنهد.
تلك هى الحكاية الأشهر، التى تعرفها كل فتاة أو امرأة خاطت لليل جرحًا، حتى إنها عندما تخرج صباحًا وتقول لنساء العالم: “أنقذتُ حياة الليل”، فإنهن لا يلتفتن كثيرًا لملابسه التى تعرضها لهن وفيها دمه الذى لا يجف، إنما يسألنها إن كان قد حكى لها شيئًا ما، وفقط بعد أن تحكى بالتفصيل حكاية الشابة التى تخيط قلبها، وتصف بدقة اللحظة التى يرتعش عندها صوت الليل، يُصدّقنها دون حاجة لأن يتشممن ملابسه، فرائحة دمه المعروفة تصل لكل واحدة فى مكانها.
ـــــــــــــــــــــــ
مقطع من رواية بعنوان “ألف جناح للعالم”.