الغرام

الغرام
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إيمان مرسال

بعد سنواتِ تأملهِ من الشُّباك

ووضْعِهِ أحياناً مع الحبوبِ المهدئةِ في حقيبةِ الظهرِ

فجأةً ينفجرُ الغرامُ من حيث لا تتوقع

الأمرُ لا يخلو من نوايا أدبيّة

مثلُ كَشْطِ الصدأ عن كلمة "غرام" نفسها

وغسْل كلماتٍ مثلِ "هَجْر"، "وصال"، "ضَنا"

من اللعاب الذي بلّلها أثناء الغناء.

 

إذا كنتَ شاعراً عربياً فلابد أنك كتبت عنه من قبل

ذلك أنك لا بدّ تُهت في صحراء الهوى سنوات

تبحثِ عن الحيوان الخرافيّ الذي يحتلُّ عينَ الماءِ الوحيدة

فتقتله

ثم تبكي جريمتك الحتمية من أجل شربة ماء

وحتى بعد دخولك إلى أمان العائلة

تظلّ شاعراً

الغرامُ سيئُ السمعة

الغرامُ أسوأُ موضوعٍ للكتابة ولا شك.

 

أبحثُ عن ملهمةٍ في كل قصيدة أقرؤها

يعلّقُ الشاعرُ مُلهمتَهُ على الحائط ويثبِّت أطرافَها بالمسامير

الصورةُ موضوعُ الاستيهام، تبدأ من عينيّ الضحيّة

وتنتهي حسب درجة القربِ  من الحداثة – بين فخذيها –

 أوعلى أحسن تقدير بالوعي بأنها ضحيّة.

لعبتُ هذا الدور في أوقات الفراغ

ولحسن الحظ لم أقابل شاعراً عظيماً قط

وخرجتُ من التجارب بكراهية المُلهمات.

 

جسرٌ من الشيفون

وعليكَ أن تعبرَ فوقه إلى الشاطئ الآخر

بالطبع ليس ذلك برّ الأمان،

أنتَ لن تصلَ إلى هناك كما أنت

لأنك للتوّ ستسقطَ في الماء الآسن

أكثر من يدٍ ستمتدّ لانتشالك ؛ لأصدقاءَ يظنون أنهم مجربون

وشعراءَ مهمتُهم تأمل السقوط وطبيبٍ نفسيٍّ يسلّي أرقَهُ

وليس من بينها يدُ الله فلا تحزن

ستخرجُ فجأة أصابع من إعلانات التجميل

لتمنَحك جلداً مصقولاً

وبعدها لن تخشى السقوط ثانية.

 

ينجح الغرامُ في جعْلنا أصلاءَ وأنانيين،

أنانيين بأصالةٍ وأصلاءَ في أنانيّتنا… الخ

ولا شيءَ يكفي

حتى ليبدو ذلك الذي قال أن القناعةَ كنزٌ لا يفْنى

وكأنّه ثبَّت الحواسَ في درجة الصفر

ماشياً صوب الصحراءِ

وهو يصفِّر بـلحنٍ يشبه: “أنا أنت وأنت أنا”

ــــــــــــــــــــــــ

القصيدة اختارها مركز ساوث بانك البريطاني، كواحدة من أجمل 50 قصيدة حب حول العالم في الـ50 عامًا الماضية،

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم