حولوه يا صديقتي إلى مسجد و لم أتمكن هذا المساء من الاختلاء بلوليتا (شرعت في قراءتها البارحة فقط).
حولوا ذلك المكان الذي كنت أمارس فيه عادتي المسائية. عادتي العلنية و السرية. أقرأ و أكتب بينما أرقب العصفور الذي تستهويه المرآة، الحافلة التي تمر في الساعة السادسة و النصف مساء، وتلك التي تتوقف في محطة الوقود في الساعة السابعة و الربع و ينزل مسافروها ليفرغوا مثانتهم في مرحاض الطابق السفلي، و بائعات هوى يشربن عصير التفاح ، مباشرة من الكأس ، على حساب عمال الضيعات المتعطشين للحب( أقصد شيئا آخر غير الحب) و الزيادة في الأجر دون الانتماء إلى نقابة خوفا من الطرد.
و لعلمك يا صديقتي فمالك المقهى الذي حول ذلك الطابق العلوي إلى مسجد لا يترك نادلا يعمل في مقهاه لأكثر من شهر.
الحربائي، يزعم أن تبْديل الوجوه ، كما تبديل المراقد، راحة.
أكتب إليك يا صديقتي الغالية العزيزة (و ليسمح لي سي أحمد مرة أخرى أن أعود إلى راويه. العزيزة هنا بمعنى… بأي معنى؟…بأي معنى…**) لأخبرك ، بيني و بينك، بأنني قد عزمت على أن أصعد غدا إلى الطابق العلوي لنفس المقهى حيث صور الكعبة و المسجد الأقصى معلقة على الجدار. هيأت لذلك كل شيء. سروالي الأسود الجديد(حدثتك عن قصة حصولي عليه) قميصي الأبيض ذي الياقتين الزرقاوين، و بين الحزام و البطن وضعت قنينة حقيقية (جربت لأتأكد من بقاء القنينة هناك مخفية دون أن يراها أحد تنزلق في غفلة مني عبر العانة وصولا إلى الحذاء). قنينة مسطحة تشبه تلك التي يخرجها رجل كاوبوي من جيب سترته الجلدية. ثم يتلمظ مباشرة بعد أن يتجرع شربة خفيفة منتشيا بالرصاصة القاتلة التي أطلقها على أفعى مجلجلة. .
وسأشرب خلسة نكاية في صاحب المقهى المتدين الحريص على نصيبه في الدار الأولى و الآخرة. نكاية في ذلك الخال الذي له وجهان. سأمسح بظهر كفي شفتي. سأنظر إلى حجرة التيمم السوداء الملساء الصماء الموضوعة في الركن الأيمن. ثم أقوم لتأدية الصلاة . لن أركع و لن أسجد . ستكون صلاة جنازة فقط أترحم فيها على الشخص الهادئ الرزين الظريف الذي لا يحرك دجاجة من على بيضها، الشخص السوي الذي أبدوه في عين المحيطين بي.
هي بمثابة صلاة خالي. خالي الذي هو ، لعلمك صديقتي، أنا. أنا الذي علي أن أبحث باستمرار عن طابق علوي أحتسي فيه الماء الحريف الذي يلبس قنينة Ciel صغيرة.
عن غمد سلاح ربما تكونينه أنت يا صديقتي العزيزة.
ــــــــــــــــــــــ
أحمد بوزفور، نافذة على الداخل، منشورات طارق، الدار البيضاء. 2013
– **نفسه، ص:25.