إيمان السباعي
تتذكر الماء الذي تركته يغلي
وتسمع صوت غليانه فعلًا
وتتخيل البخار يتصاعد.
تراقب وجهها في المرآة
المرآة وسخة كملاءة على سرير في مستشفى حكومي
تفكر أنّه تشبيه رائع
لو كانت في الثلاثين لقالت: وسخة كجدار بار شعبي .
تتذكر حادثة قديمة :
الماء المغلي ينسكب على يدها
يد الطبيب تنزع الضمادة عن اليد المحروقة
تشعر بخشونتها،
وتتأمل دكنتها الخفيفة بعد الشفاء.
ترفع يدها أمام عينيها وتتأمل اللون الذي
صار أكثر دكنة تشوبه زرقة غريبة
تحتاج إلى شيء كهذا من أجل التذكر
رغم أنها لم تصب بالأزهايمر
فإن عقلها قد تخلص بسهولة
مما توقعت أن تجلس بالساعات لتتذكره
هكذا يمضي الوقت.. دون أن توشك على بداية قصيدة جديدة
يشغلها أن تحافظ على استواء السيجارة بين إصبعيها المرتجفين
كانت دائما تفضل أي شيء آخر غير التفكير في قصيدة
أي شيء يمكنه أن يسرق انتباهتها
الطعم القديم لجسد شاب أحبته في الأربعين
يطفح على لسانها بمجرد أن تومض الشاشة
أو تتصلب ساقها فجأة ويكون الألم حادًّا فيحتاج إلى تركيزها كاملا.
راضية
وتتعجب لم كانت غاضبة في الماضي!
ولا تذكر بالضبط متى توقفت عن البكاء من أجل ضحايا الحروب
ومتى تخلصت من مكتبتها واحتفظت بهذا العدد القليل من الكتب
هي لا تذكر إن كانت قد ألّفت بالفعل كتبًا كثيرة تحمل عناوين اختارتها بعناية
أم اكتفت بقصيدة طويلة عن رجل لا تعرفه
أرسل لها على فايس بوك صورة للحي الذي يعيش فيه في مدينة أوروبية
هل كان الرجل صاحب الكلب الذي ظهر في الصورة؟
الكلب الحزين بشكل لافت، كأنه آدمي ودّع حبيبته للتو
ربما كانت أنثى كلب فقدت صغيرها
على أي حال
لماذا لم تحتفظ بتلك القصيدة
فهي أكثر شيء أحبته في حياتها؟!
الآن
يجب أن يطرق أحدهم الباب
لتنشغل بالسؤال عمن يكون الزائر.