السيدة راء

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سارة يوسف

1   

عام  2001، غرفة 111 مبنى ج، المدينة الجامعية بالأزهر:

البداية، ينفتح الباب بسرعة، وجه ايمان المبتسم دوماً وشيء ما مختبئ خلف ظهرها.

ـ  هاه؟

ـ حزري فزري!

ولما غلب حماري رفعته في وجهى:

ـ  اتفضلي يا ستي, السيدة راء اللي زهقتينا بيها.

خطفته من يدها بفرح ودخلت البلكونة وأغلقت بابها علي، ولم أخرج إلا بعد أن انتهيت منه، وبدأت قصتي مع رضوى.

 2

19 مارس 2003 ، الغزو الامريكي:

أدركت أني بحاجه إليها، فاشتريت “ثلاثية غرناطة “نسختين، ربما تعينني على مواجهة الغزو, وجدت بعض العزاء فيها حتى سقطت غرناطة أخرى.

3

مايو من نفس العام

ظننت أني وجدت رجلي: أزهري مثلي، طبيب متدين يحب القراءة, أردت أن أشركه في حبي لها, خاصة وأنه اعطاني كتاب “ابن حجر العسقلاني” هنا أهديته “ثلاثية غرناطة “وبعد يومين التقينا، وجدت رضوى عالقة بين يديه، قابضاً عليها بكل قوته، وقبل أن أتحدث نهرني هو: كيف لك أن تهديني كتاباً لامرأة متبرجة؟

لا اتذكر رد فعلى وقتها سوى أنى رحلت ولم أره بعد ذلك.

4

مرت الأيام وكبرت قصتنا. كلما يصدر كتاب جديد أطير إلى مكتبة الشروق لأراك, أحببت المنيل وجامعة القاهرة حيث درست الأدب الإنجليزي .., حواديت حبك وأبيك وبيتكم ودفء سردك  للتاريخ, وانتفاضة الطلبة والسبعينات وحراكها وابطالها وكامب ديفيد ومصر التي كانت والسفر ومريد وتميم وفلسطين وحكايات فرج وسراج حتى “الشدياق” وارتباك الحداثة ……..وصولاً  لأثقل من رضوى, وما يحويه من سيرة بحت خلالها بالكثير عنك وعن الثورة ومحمد محمود ورحلة المرض . المرض الذي هاجمك وحديث عن ورم ولكن بخفة أسلوبك تحكي لنا عنه وعن عنادك ولا تنسي في كل هذا أن تخففي قسوة الأمر علينا حين تحدثي نفسك:امرأة محظوظة, حتى الرحيل الآن ليس خطأ .الثمار أسخى وأوفى مما تصورت.

5

الخميس 27 نوفمبر 2014

خبر صغير بآخر صفحة بالشروق: رضوى عاشور في دراما العناية المركزة، ربما أراد من كتبه هكذا أن ينقل إلينا خبر مرضك بأدب. أكثر ما  آلمني هو أن يذكر أن “رضوى ..إلخ”. تعريف بك متى ولدت وأنك روائية وأستاذة جامعية وما يمتاز به أسلوبك..وفقط. ينتهى الخبر!

كيف هذا؟ كيف لحياة عريضة لشخص مثلك يتجاوز المسافات والزمن أن يقدم هكذا مختصراً في 3 سطور.

6

الأول من ديسمبر

وفاة الروائية رضوى عاشور عن عمر يناهز الـ64 عاماً. حين علمت، لم أتفاجأ، فقد مهدتِ لنا الخبر, ولم أستغرب أن تسافري بعد يوم من براءة المخلوع.

الحمد لله الذي لم يجعلك تشاركينا هذه اللحظة المميتة واللعينة، وبكيت وعدت لكتابك إلا أنني وجدتك وكأنك ترفضين لحظة يأسنا هذه، إذ في ’خر فصل في السيرة قلتِ: عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة، أستدرك لأنهي حديثي بالسطر التالي: هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة, ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا.

ملحوظة: كنت تقولين: لا أحد يجرؤ على الرحيل مخلفاً وراءه كل هذا الحب. فكيف جرؤت؟

مقالات من نفس القسم