الرسائل الغرامية بين ألبير كامو وماريا كازارس(الرسالة 28)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 94
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ترجمة:  سعيد بوخليط

من ماريا إلى ألبير:

13غشت 1948

  لا أعرف لِمَا وردت إلى ذهني تلك الفكرة المجنونة المتمثلة في العودة إلى قراءة ماكتبتُه سابقا؟ لايستهويني القيام بذلك أبدا، لاسيما حينما أرغبُ في مراسلتِكَ، واليوم، أجهل حقيقة سبب الدافع، وقد داهمتني هذه المسألة.

بالتأكيد النتيجة لاتعرف سبيلا للانتظار، لم أمزق كل شيء في الحال كي لا أخلف وعدي بأن أرسل لكَ جل ماكتبتُه، خلال اليوم الذي تطلب مني ذلك.

هكذا حافظتُ للأشياء على وضعها، غير أني عاهدتُ نفسي جيدا، أولا بعدم تكرار عمل من هذا القبيل، ثم ثانيا أن لا أحدثَكَ قط سوى عن وقائع محددة وعدم الإدلاء بأي تعليق أو الإفصاح عن أي تعبير شخصي، لاسيما إحساسا معينا أو مجمل الأحاسيس التي أكنها لك. تأكد من هذه الحقيقة؛ أعتقد بأنه إذا تمسكتُ بعهدي الأول مثلما أتمنى، سيفقد اللاحق جل معناه، ولن يتطلبه السياق إذن. 

آه! حبيبي! أريد أن أظل لكَ عذراء جسدا وروحا! أودُّ اكتشاف لغة مختلفة لم توظف قط سابقا، كي أخاطبكَ!

أتطلع نحو التمكن من الكلام معكَ بكلمات تضمر الحمولة الجديدة التي جعلتني أكتشفها، أريد خاصة التمكن من وضع روحي كليا وسط عيني والاكتفاء بالتطلع إليكَ فقط، أبديا، غاية رحيلي عن هذا العالم !   

 13غشت ليلا  

أخبرتَنِي بأنَّكَ غيرت موعد رجوعكَ، بالتالي ستعود يوم العاشر.غريب،لأنه،فيما يخصني،وأنا أفكر في تلك الأيام الخمس التي سأقضيها وحيدة في باريس دون رفقتكَ،بادرت إلى تأخير تاريخ رجوعي،وحددته في يوم الخامس عشرة.لاتتردد،أخبرني باستمرار عن كل صغيرة وكبيرة،تهم شأنكَ،حتى أتمكن من توضيب برنامجي تبعا لبرنامجكَ.فأنا حاليا،في هذه اللحظة،مقارنة بوضعكَ،تنعم تصرفاتي بحرية أكثر ،وسيكون بالنسبة إلي سهلا جدا القيام بذلك وينتابني دائما شعور السعادة بهذا الخصوص.

ما إن نصل إلى باريس،أحب حينئذ،قبل انصرافنا معا إلى أعمالنا المشتركة أو المتعلقة بكل واحد منا على حدة،الاهتمام بمشروع  ترتيب وضع حياتنا خلال السنة المقبلة.

عمليا فكرتُ في إمكانية اختيارنا سكن محطة استراحة رائعة في فندق ”شيفروز”.لذلك،بمجرد أن تطأ قدمي مدينة باريس،سأذهب كي أتحدث مع صاحبة الفندق بخصوص استئجار أبهى غرفه مع توفر حمَّام.نعم ،أكثر الغرف جمالا واستقلالية. لأني أرتاب في جمال وكذا شروط السكينة التي يمكن للشقة الصغيرة الحالية توفيرها لنا،بل انساق خيالي غاية أن تسمح لنا ربما، بترتيبها قليلا حسب ذوقنا، مع إضافة أشياء شخصية أحملها معي من خارج البيت.إذا كان التصور ممكنا،أحب ببساطة معرفة إن كانت فكرة من هذا القبيل تروق لكَ ثم مدى قدرتكَ على تفويض الحرية المطلقة كي أقوم بالمهمة وحدي تماما(لاتقلق بهذا الشأن،سأنتظر دائما نصائحكَ والاهتداء بها)،لأن ذلك يبعث في نفسي كثيرا من التسلية.

زيادة على ذلك،سأنغمس خلال فصل الشتاء المقبل في عالم الأثاث،بما أني سأتفرغ لمسألة ترتيب شقة  شارع فوغيرار.  

…………………………

*المصدر :                 

Maria Casarés :correspondance(1944- 1959) ;Gallimard ; 2017. /Albert Camus

    

 

  

مقالات من نفس القسم