البناء واثق وجرئ ومبتكر أحياناً كثيرة ، الفكرة جيدة ،أدوات الكاتب متمكنة وبها إبتكار ، المشكلة هي كيف يهرب الكاتب من تناقض واستقطاب لحظة تاريخية حاسمة قسمت ظهر من شارك فيها بقلبه ، وكسرت قلب من جرؤ على الحلم المجنون للخلاص، ولكن يبدو أنه لا فكاك الكاتب يسعى للكتابة لأنه لا دواء لذلك ولكنه مسكون بالرغبة في الحفاظ على الذات من التشذرم في بمقابل الواقع الذي يسحبنا نحو لا وجهة مفهومة . ربما ايضاً حرصاً على عدم الوقوع في الابتذال الناتج من تصدير المشهد الثوري/ الإجتماعي بشكل مباشر فج لم يعد يؤمن به أحد ، لذلك كل المشاعر مسطحة غير خطرة ، القلب غبر متورط في عمق أياً كان ، المرأة وجودها غائم ، كأنه إدراك ولاإدراك في ذات الوقت ، أرض القصة مفهوم مساحتها : قهوة ، بيت، عمارة ، مساحة محلية معروفة ، أمريكا ، الهناك حيث الأرواح ، لكن المساحات لا تعطي زخمها ، هي مدفوعة في الخلفية ، مثل الأشخاص والأحداث ، يبدو أن الأمر الأهم هو عدم التورط في مزيد من المشاعر التي ستقود لهزيمة أخرى ، هزيمة أيا كانت ، أو القبض على الهزيمة والسخرية منها ، لذلك لا نأخذ العالم على محمل الجد، أرى أنها مجموعة جديرة بمشاعر ما بعد ثورة 25 يناير ، مشاعر التسطيح بعد ضربات الإحباط والقتل المعنوي البطيء ويبدو الحل هو مراوغة الواقع العبثي ، و“اشتغاله” حتى يكف عنا ، الحل للاستمرار دون رغبة ربما في حياة لم تعد تستمد قيمتها من معايير محددة ، الجميع يعيش سيولة معنوية لا نعرف إلى متى ولاإلى اين
رغم ثباتها السطحي إلا انها مجموعة موجعة ، وجعها على مسافة ما ولكنه موجود بين طيات الأحداث التي لا تحدث في خط مستقيم ، هناك تقدم للأمام والعودة بنا إلى الخلف أو التقدم تصاعدياً يتخذ شكل مراوغ يقذف بنا إلى فشل أو أحباط أو انتهاء ما ، كأنها حركة في دوائر مفرغة ، تماماً مثل ما يعيشه الكثيرون منذ مشهد التحرير 2011″
الغلاف:
يجسد شخص بجناحين تختفي ملامحه في فعل رفض للعالم والتوقف عن الفعل أياً كان ، موقف سلبي أو غير فاعل أو منسحب، هذا الشخص لا نرى عينيه ، وربما نحدق كي نتخيل ما هو شكلهما ، الجناحان يعطيا فكرة ما عنه ، بقدر ما يكرسا لفكرة الحرية والبراءة والنقاء بقدر ما يستدعيا فكرة القيد والإنكسار والإنسحاب ، يعطيا أيضاً الإيحاء أن المعركة مازالت قائمة أو أن المشهد لم ينتهي تماماً بعد رغم ثباته الشاخص لنا
العنوان:
التحديق كفعل يتم في حالات الإنتباه الشديد أو الفاجعة أو عدم التصديق وربما هنا هي مزيج من كل ذلك ، التحديق إهتمام أو حماية لمشهد داخلي من الإنهيار،
التحديق قد يكون في لحظة ما جداراً يفصل بين مشهد داخلي زاخم وأخر خارجي مُهدد ، كأنه حالة تفكير طويلة تستغرقنا تماما ، نبدو في حالة انبتاه بينما نحن في حالة تشتت وانفصال وربما تمزق بين مشهدين ، مشهدنا الفردي الداخلي والمشهد العام الخارجي
الحركة الداخلية للأحداث والأشخاص:
الحركة تدور لتعود من البداية أو تنتهي بالهزيمة ، تماماً مثل حال جندي في معركة ، الإنسان الفرد بمواجهة العالم ، عالم ما بعد الحداثة ، حيث يدرك فرديته وحقوقه ولا يحصل عليها نتيجة لوضع اجتماعي ساحق أو وحدة وغربة داخلية أو وضع عام خانق مغلق سماءً وأرضاً فلا يبدو هناك مفر .
الأشخاص في حالة قصور ذاتي مستمر ، مدفوعون بحركة أكبر وأكثر قسوة ، غير متحكمون في خط مصير أو في مسار أحداث ، الحركة اللافتة في هذه المجموعة هي التصاعد المتوتر بين متررد على مقهي وبين قطة هناك ،حيوية شريرة تتطور ، وبعيداً عن القطة وغريمها أو غرمائها ، العلاقة تبدو ملفتة ، كأن العلاقة الحميمة الوحيدة المتفاعلة هي علاقة صامتة بين فرد وبين حيوان ، بها حرب معلنة واهتمام يأخذنا للنهاية والإكتمال حتى ولو كان موت أحدهما ، الموت إكتمال لمعنى أخذ البطلين حتى نهاية ويبدو ذلك عدلاً بشكل ما ، أما التوقف فلا موت ولا حياة ، إنغلاق وإنسداد ، فذلك الجحيم يعينه .. السخرية تبدو الحل لإنقاذ النفس والحياة والتلاعب بالواقع…
ممارسة انسانية أو “مزاولة” بين فرد وواقع :ساخرة جدا ، ويتجسد فيها معاني التحديق بشكل كبير ، القرار خطير : الزواج ، البطل ينسى أو لا ينسى ويدعي أو يراوغنا ويراوغ واقعه ، كأنه لا قرار له أو كأنه غير متأكد ، الأشخاص حوله أشباح يأتون لفقاعته ويرحلون وهو يحدق في حضورهم ،في حياة لا ترابط بها نتيجة الزاهايمر – كسبب معلن– بينما هو العجز – كسبب عميق غير ملعن.
سير الخطوط نفسها متقطع في الصفحات، كأنه تعبير بليغ عن تلك الحالة من التفتت في فضاء النسيان أو العجز أو الواقع ..
ذراع واحدة طويلة :تبدو الأكثر نعومة وشاعرية واشتباكاً على مستوى الشعور ، حزينة أيضاً وبها إنكسار ، يخفف هزيمتها ، الحضور الهادئ الراقي للإنثى المرسوم بحساسية وجمال ، كذلك السخرية الباطنة في رد فعل المتحدث وضيقه من “فعل” الطرف الأخر الذي يبدو مثيراً للسخرية ، لكنه يعكس حواراً متخيلاً وفي كل الاحوال غير موصول مع الأخر، حوار في حلم ، تخيل بلا إقدام ، فلا حوار يتم إلا في النهاية ، حوار عابر سريع مشحون بعذوبة يدفع ثمنه تقريبا باقترابه من حادث 🙂
سيحاول ألا يعفل ذلك ثانية :
نفي الفعل في محيط اللافعل ، في واقع التوقف والإنسداد ، الخوف بلا مكان للهرب ، لاداخلياً ولا خارجياً ، قصة كابوسية الإيحاء ، الواقع يمتلك الفعل ، البطل مفعول به يحاول استباق تسوية ما مدفوع لها ، نستشعر مشاعر الصيد والضحية ، تقريبا رائحة الهزيمة في جميع الأحوال.
الولد الذي أحب الملائكة!!
ساخرة أيضاً عنواناً وسرداً ، كلها صراخ ، صراخ من لا يستمع له أحد ، قد تكون جريمة القتل حالة مؤكده لإدانه الفرد الذي يصبح بمواجهة المجتمع ولكن ماذا لو كان القتل رغبة في إدانة مضادة ؟ البطل هستيري لا يتوقف عن الصراخ ربما كلمته الاخيرة تمهل في التفوه بها ونشعرها هادئة منتقمة شديدة اللؤم “ارتويت” ، كأننا فقط من سنفهم دلالتها وليس من يتحدث إليهم ، قصة مراوغة حادة تهزأ بنا وبهم ، وهم كلمة تشمل كل من ليس في دائرتنا : العالم والمجتمع والحياة…
التحديق في العيون :
مبتكرة تلامس عالم أخر نكون فيه نحن بحق ، نحدق ولا نحتاج للكلام ، عالم مسالم نختار فيه من نريدهم ونترك من لا نريدهم بلا تعقيد ، نرى داخل الذات بوضوح بلا انهاك ولا تعب ولا مراوغة ، تبدو استراحة وحلم ويوتوبيا وسط عالم معقد ومؤلم ، المهمة تبدو حجة لتصفح الارواح أو المضي قدماُ في الحلم الرائق … قبل الانفجار !
بين فيلم ومظاهرة
لا نعرف من المتأخر عقلياً : الواقع ام علي؟ من المنوط بالسخرية والتهكم من هذه الفانتازيا الشريرة؟ الحياة كفيلم مثل الحياة كتوقف ، الشخص القادر على الفعل شخص ناقص العقل ، متأخر التطور ،يتفاعل ويجود بالفعل الجميل حتى ولو في فيلم وكأننا عاجزون عن الإدراك أو الفعل ، ثم تدور القصة لتنتهي بما بدأت به، لتضعنا أمام أنفسنا وأمام فوكس موفيز وأفلامها التي تعوضنا عن الفشل في البطولة والحب، محدقين في المعنى وفي تلاعب الكاتب بنا وسخريته منا
ما جاء في نفي رجل من العامة
البطل في هذه القصة هو اللغة والسرد المتين ، كأنه تحدي شخصي نجح فيه الكاتب ، أن يكتب بتلك اللغة القديمة التي تمثل تراث – هو أيضاً متوقف بشكل ما– في وجداننا ، لأاحد يخطئ أسلوب اللغة العربية التراثية ولا أحد يتحدث بها فعلياً دون أن يبدو غريباً بشكل ما ، لكنها هنا تأخذ شكل الحكي والحكي دوماً واعد باثارة الخيال والمتعة ، قصة حيوية مثيرة للإعجاب في تركيبها اللغوي ومحتواها الذي أخذها من آنيته الحديثه إلى قالب بعيد ، ممتعة ، وبديعة ، وتترجم نفس الفكرة ككل مرة ، المسافة والمراوغة والفعل المؤجل أو الملغي مثل أخر جملة بها : سيجعلني أعدل عن هذا كله!”
ثبات نسبي:
هل هو حلم أم كابوس أو تداخل هلاوس نتيجة عدم النوم أو ماذا ؟ يتلاعب بنا على مستويات عدة من السرد بل ومن اللغة ويصل لاستخدام ايموشن المبتسم 🙂 لا نعرف أين نحن بالضبط ، بين النوم واليقظة حيث تختلط مستويات الادراك ، هل نتورط بصفتنا كأشخاص أو نتخذ مسافة كقارئين؟ قصة جميلة ، يتلاعب الكاتب بنا وينتقل من مستوى لأخر في التلاعب بين سرد يحدث له او تساؤل مباغت لنا ويصل حتى تقريعنا على العبث، العبث الكلمة المفتاح لادراك الكاتب للحياة وللواقع..
قطة في المقهي:
العنوان والسرد والأبطال يدفعونا في مسار له كيان وتصاعد أحداث مثير موتر ننتظره حقاً ونتابعه بشغف في حبكة بوليسية لا تخلو من سخرية أيضاً – كالعادة!- بلغة حيوية متسارعة شيقة ، ورشيقة ترسم العدوين ونتماهى مع المعركة الخفية ومع مشاعر البطل ، ومع رغبته في موت القطة …
الذي سافر وعاد:
السخرية مستمرة ولاذعة وحتى ولو نحج البطل في قصة نحاج مثيرة يربطها ابراهيم ببيل جيتس شخصياً ونفرح قليلاً لهذه الإنفراجة ، ليعود البطل – كما يقول العنوان عاد– ليعود إلى مداره الأصلي هذه المرة باختياره كأنها قصة صعود ثم هبوط لهاوية تتنظر كل مرة بلا هوادة ، السخرية رائقة هنا وممتعة والأشخاص يبدون مسخرين لها نتيجة كينونتهم ومصالحهم وتبعيتهم لها وهو مبعث لسخرية قوية ونافذة ، اللغة بين عامية واعلان رصين في الاهرام منحت هذه القصة حيوية وفكاهة ملفتة
البنت التي لم تحضر حفل التوقيع
وماذا يهم كاتب في حفل توقيع أكثر من التوقيع نفسه والنجاح نفسه ؟؟ الفتاة لا تحضر ويأخذنا الكاتب في سجال لأسباب عدم الحضور ، وكأن النجاح والإكتمال لا يكفيا أو لا يرتكنا لشرعية قوية للفرح ، هناك دوما شك ، حتى الفتاة يرددها طوال السرد البنت بلا أسم ما ، بنت غير واثقة لا يلحظها أحد ولا يستمع لها أحد، وينتهي بشك هل حضرت أم لم تحضر ؟ لحظة شك ضخمة أمام التحقق أو في ذروته …
أصوات من خارج القاعة :
المرأة والرجل ، او للدقة المرأة أو الرجل ، من يسيطر على الأخر في معركة المسيطر بها خاسر والخاسر بها مكسور ، الضعف والقوة ، من يقبض على الأخر في واقع الكل به منسحق ..
رسالتي الأولى لناقدي العزيز
هذه القصة ساخرة ساخرة ومتلاعبة بالجميع ، ومن يفكر بالناقد وهو يكتب؟؟ ابراهيم يلمح العالم بهذه العين الساخرة المتهكمة ويتخذ منه المسافة التي تسمح له بالتلاعب به واشتغاله وتجريده من أطره الفاسدة المتحجرة ومن غير السخرية قادرة على هذا الفعل المستحق تماماً؟؟ ثم يشاركنا هذا التهكم في النهاية لنقر أنه متلاعب كبير بناقده وبنا !!
على طاولة المفاوضات وفي مسألة تركيب الشبكة
القصتان مترابطتان بشكل ما ومتواصلتان في الموضوع وفي المعالجة وهما تلخيص غير مخل لمجتمعنا ، بينما هو صوت رجل الشارع العادي الذي يريد قضاء مصلحته ولا يهتم بالتقعر والتفلطح والتأطير في مناقشات بها كثير من الإدعاء أو حتى في ادعاء لعب دور أخلاقي ديني في نهاية الأمر ليس سوى نفاق ، السخرية بارعة هنا ، لا أحد “جيف اشت” كما يقال ، ولكن الجميع عازم على التقعر والانقسام والتحزب لأسباب غير مفهومة سوى النرجسية والغرور …
في النهاية : تحيا السخرية وتُحيينا المسافة 🙂