الارتداد ما بين سفح الجبل وقمته

aya ayman
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

آية أيمن

في هذه الأيام

عندما يغمر ضوء الشمس كل غرف المنزل

أحب أن أدخن السجائر 

وأشاهد الأفلام الأمريكية القديمة

وآكل الحلويات وألتهم اللحوم بشهية.. 

هذه الأيام

هي عرض حي للشهوة المفرطة

أتحدث كثيرا وأضحك ملء فمي وأهدر شلال نكات لا ينتهي..

أنام بالكاد..

وأستيقظ أريد أن أرقص وأحمل السقف وأطير

ولكنى أكتفى بالتمايل في الصالة والوثب على الأثاث والتناوب بين إعداد وشرب عشرين كوب قهوة قبل الظهر.. 

في هذه الأيام

أقرأ بنهم كتابا يحوي حوالي ٥٠٠ صفحة في يوم

وأرسم كما لم أرسم من قبل

وأعد طعاما مثاليا 

بالاستعانة بحواسى التى تكون فى أوجها.. 

فى هذه الأيام

أستطيع أن أشتم استواء ثمار البرتقال

على بعد ٤٠ كيلو متر منى

أسير بأذني داخل الموسيقى

وأعتنق الميكروفون مكان المطرب

وأرى شكل المسرح ووجوه الحاضرين

أصنع كواليس للجمل التى يقولها الممثلون فى الفيلم

بل أصنع نسيجا افتراضيا لحياتهم.. 

أحس بسريان الدم فى عروقى

وأسمع نبضات قلبى فى مكبرات صوت 

وتسير الحياة عادة مثلما تسير..

ولكنها في هذه الأيام

تسير تماما مثلما أريد..

… 

بعد حين تهدأ الأمور

ربما لبرهة

ربما لدهر 

بعد حين تهدأ الأمور

وتتقهقر خطواتى حتى تحاذى الركب

أنغمس كما الباقين فى صخب ضجيج السيارات

وأشرب كما الباقين شايا بدلا من القهوة

وآكل خلال الوجبات الأساسية فقط

ويقول أحدهم مزحة جيدة فلا أفهمها

وأنطق أنا فيصير كلامى هراء

بضع كلمات اصطفت

 لتوصل بأقل مجهود المعنى المراد

وأجر نفسى علي الرصيف

والهواء الممتلئ بالتراب

يتسلل إلى أنفي.. رويدا رويدا

.. 

سريعا يحل الظلام

ويدلف الناس إلى الأسرة وينامون

وأدلف أنا أيضا… ولكن لا أنام

ويأتي الصباح على الناس.. ويتوارى عن نافذتي

يستيقظ الناس.. ولا أستيقظ

لا أنام.. ولا أستيقظ

فى الليل يظهر القمر السعيد والنجوم المتراقصة

مستهزئين بأرقى

يلوح من بعيد موكب 

يحفه غبار سحري

أطفال بمناماتهم وجنية وأقزام

يقودهم بيتر بان 

الطفل الأبدى

يمد لى يده

يشدنى من النافذة بجانب السرير

ويعدنى بأن ينتشلنى من المستنقع

ويحملنى معه إلى أرض الأحلام

فقط خطوة على النافذة.. ثم الأخرى 

وقبل أن أخطو الخطوة الثانية

تدفعنى الجنية دفعا إلى الوراء

فأسقط مجددا على السرير

وتخبرنى 

وهى تنثر غبارها السحرى

فى الأجواء من حولى

ألا أثق أبدا فيه

فبيتر بان

قد ترك يدى

قبل أن أثب على النافذة

.. 

فى الصباح التالى

يغمر ضوء الشمس كل غرف المنزل

أكون أول المستيقظين

أريد أن أرقص وأحمل السقف وأطير

ولكنى أكتفى بالتمايل فى الصالة

والوثب على الأثاث

والتناوب بين إعداد وشرب عشرين كوب قهوة قبل الظهر.. 

وتسير الحياة عادة مثلما تسير

ولكنها فى هذه الأيام

تسير تماما مثلما أريد..

 

مقالات من نفس القسم