وفي كتاب “الأغبياء” من تأليف ورسوم وليد طاهر، ينمو وعى الطفل بصريا وتتشكل ذائقته الجمالية. فالرسوم تخاطبه، “فالرجل النخلة” ازرق اللون، يحيا سعيدا وسط موسيقي تصدح بها طيور تحلق بين اشجار النخيل حاملا سلة التمر سائرا وسط الأخضر. وفي الصفحة المقابلة يظهر” الرجل السمكة” برتقالي اللون، يصطاد بصنارته اسماكا ملونة فرحا وسط أنغام منبعثة تصل للسحاب في يوم سمائه رائقة. فقد كانت الموسيقي رمزا للسعادة… الرضا الذى يشعر به. ولكن سرعان ما يتبدل الحال فتلك الألوان الزاهية تبدأ في التحول لألوان رمادية ، إذ بدأ كلا منهما في التفكير في ما لديه – في النخل و الأسماك- فماذا لو….. لو كان لى النخل والأسماك أيضا و يفكر الآخر وماذا لو كان لى الأسماك و النخل أيضا، تلك الأفكار جعلت الألوان الزاهية تتحول إلى لون رمادى .
امتلاك كل الأشياء .. الاستحواذ عليها.. هو التفكير الذي تملكهما . فكرة يقدمها الكتاب و تحملها لنا الرسوم فتتجول عيوننا وسط العناصر فنبتسم نفرح نندهش نفكر و نغضب ونحارب مع تلك الشخوص . فاين ذهبت تلك الالوان الزاهية المبهجة ! ليحل ظلام الفكرة بالوانه ناشرا اياها في صفحات الكتاب ، لقد سيطرت الألوان الداكنة من الرمادى إلى الأسود بمصاحبة اللون الأحمر فشكلت ادوات الحرب فكانت الطائرات تحمل رمز النخلة وأخرى تحمل رمز السمكة واشتد الصراع فاكتسبت جميع العناصر لونا أسود ولتظهر لنا بندقية برتقالية اللون وأخرى زرقاء لنظل نربط بين العناصر من خلال تلك الرموز والايحاءات ليتحول المجرد إلى معانى ولتظل عيوننا معلقة بالعناصر تجول وسطها.
لكن من يكسب في هذا الصراع! … لا أحد. لقد مات الرجل النخلة والرجل السمكة من ظلام الفكرة . فلتسترح الحياة، تعود الطبيعة لما كانت عليه منذ قب، فالاسماك تسبح في بحر من درجات زرقاء و اشجار النخيل وسط بساط من اللون الأخضر و ليطل علينا هدهد مبتسم فينتهى الكتاب بسطور بسيطة “عندما نريد أن نمتلك كل شيء ..نخسر كل شيء … ونكون أغبياء” وهى حكمة الهدهد على غلاف الكتاب ….لندرك افكاراً مجردة عبر رسوم ملونة .
ريفيو:
كتاب ” الأغبياء “
تأيف ورسوم وليد طاهر
صادر عام 2003م عن دار الشروق