اغتصــــــــــــــــــاب

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

قصة : محسن الوكيلي *

ما زال الجرحُ طريا و لا زالت المدينة القابعة كصقر على تخوم الصحراء تسكنها و تثير بدواخلها شجون أول ليلة. تحاصرها كروب ذاكرتها و يلون الماضي الحي، الحاضر أبدا، عينيها الأطلسيتين بانكسارات المغيب.

كانت ككل صبايا الريف، خجولة، قوية و أصيلة.. تعانق رياح الشروق لترصد كل يوم أفراح البدايات، ثم تتعقب أحلامها كالظل، و حين يمسها الإعياء و تمسح السماءُ عن محياها آخر بقايا شغفِ النهار، ترحل إلى عالم أوسع، حيث حضن البتول.

 لم ينمح العالم الأول في دواخلها، ما زالت أوراق الأشجار و أصوات مياه الغدير ترسم ذكرى فاتنة، حية، لكنها بعيدة.

 تمنت لو أمكنها بتر شريط الزمن، لو تستطيع رتق الماضي البعيد بحاضر آخر ثابت، غير أن المدينة و أسوارها الباردة و شوارعها المبلطة الكئيبة خلفت في صخر معدنها النفيس نقوش البدائيين.

كانت بالمطبخ تنتظر الحساء حين زارهم رجل غريب، قيل لها إنه جاء من المدينة، و قيل إن المدينة عالم جميل.

تتذكر.. سقط المطر بالقنوط و نزل الليل بلحن حزين، حتى الكلاب التي كانت تدغدغ أحلام ليلها و تشعرها بالأمان أُخرِسَتْ، و أنشدت الريح طلائع عالم بديل.

تذكرت كذلك أن والدتها بكت و لم تخف عنها دموعها…

بعد شهر جاء الغريب و بمعيته رجلان و امرأة عجوز…

لم تشرق شمس الغد على روابي الأطلس، و ولى عالم حي خلف زحمة الناس و إشارات المرور.

ماذا قيل لوالدها ؟

لا تعلم.

و أما لُمَ سيقت إلى المدينة، فقد جاءها الجواب قبل أن تطرح السؤال :

بيعت بثمن بخس..

أربعة عشر ربيعا سقطوا على مشارف أول ليلة و عمر صيف طويل.. كبرت دفعة واحدة.. و صارت امرأة.  

ــــــــــــــــــــــــــــــ

* قاص مغربي

 

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

تشكيل
تراب الحكايات
موقع الكتابة

ثقوب