ياسمين مجدي
هذا الصباح ورّطت أبطالي في حكايات غريبة، عرّضتهم للحزن والخوف، وجعلتهم في مهب موت جارف.
طوال الكتابة أسأل نفسي لماذا أفعل فيهم هذا؟. لماذا لا أتدخل لحمايتهم؟، إنني لا أحب الدمار، لا أحب الظلم والمكائد، لماذا أترك كل ذلك يحدث لهم؟ هل هي سطوة النص أم سطوة المؤلف، ففي إمكاني أن أضغط “حذف” لأزيح كل هذا البؤس من العالم. لماذا أتركهم في جهل، أتركهم يصدقون أشياءً أعرف أنها كاذبة، وأمكن آخرين منهم. لماذا لا أتدخل؟
هل يمكن أن أكون شخصيتين عند الكتابة؟
تمامًا كما أكون في الحياة، مثل مَشاهد الأفلام التي تجعل الناس يكلمون أنفسهم في المرآة بصوت ملائكي يدعوهم لفعل الخير، مع صوت شرير آخر يحرضهم .
أمسكت نفسي متلبسة بالفعل، ومقسومة لاثنتين، واحدة تترك الحكاية تتعقد ومسار الرواية يصبح أصعب، ومن تفعل ذلك هي الكاتبة التي تؤمن أن الأبطال سوف يجدوا ملاذهم في النهاية بعد رحلة روائية ينضبط فيها الصراع وتصبح الحيلة والحكاية قوية جذابة.
في الوقت نفسه وجدت إنسانة ربما هي القارئة التي بداخلي، تمد يديها وتريد أن تزيح هذا الهم عن صدور الأبطال، ترجو ألا يدخل القاتل من الباب، و لا يصدق الناس ما يقوله هذا الولد، تتمنى لو تنتهي الحكايات نهاية سعيدة.
اليوم أمسكت نفسي متلبسة وأنا أقوم بدور الكاتبة والقارئة في الوقت نفسه، صحيح أنهما لا يجتمعان لكن سلطة الكاتبة أقوى، إنها هي من تدق الكلمات وتخبر الشخصيات ماذا تفعل.
تتهم القارئة الكاتبة أنها تسعى لمجدها الشخصي على حساب أبطالها، تكتب نحو سعادتها وللحصول على نص جميل، حتى لو كان ذلك سيكلف الأبطال سعادتهم.
أصدق القارئة التي بداخلي جدًا، لكنني عاجزة عن منع الكاتبة، عاجزة عن إيقاف شهوة الكتابة، والرغبة الأنانية في الحصول على نص جميل.
أصدق أن القارئة إنسانة هشة ومرهفة تنظر للحياة ببراءة، لذلك أخبرها أن الأمور عليها أن تتم هكذا ، غير أني في داخلي غير راضية لأني أترك أبطالي يتورطون لتتعقد الحبكة وتصبح أقوى، غير راضية إنسانيًا عما فعلته الكاتبة في أبطالها.
هذه ربما إحدى مراحل الكتابة عندما نتورط مع شخصياتنا وندخل عالمهم ونصدقهم جدًا. لن أخبر بما يجب أن نفعل تجاه شعورنا بالإثم، لكن أعرف أننا في هذه المرحلة علينا التعامل مع الإحساس بالإثم الذي نحسه ناحية الشخصيات.
كل منا يستطيع التخلص بطريقته. يمكن أن نساعدهم في الأحداث فنخفف الألم، أو نبعث لهم بحب رفيق يؤنس أيامهم الصعبة، أو نتركهم في الألم ونعرف أنه سبيلهم لاكتشاف الحقيقة. لكن ذلك لا يجعلنا ننعم بالراحة أبدًا.