أصبنا بالتعاسة، ولا يشبه الأمر أن تصاب بنزلة برد..
ففي طفولتك، يبدأ الشعور بالسأم بالتزايد
وتصبح أقل رغبة في الركض حول الجميع
أو الحصول على تصفيق حار..
وفِي السادسة عشرة، ربما تصبح بطريقة ما، مثليًّا.
إنها طريقة البعض للانتقام من آبائهم.
وفي حال بقيت حيًّا، لسنوات تالية..
فستبدأ بالبحث عن منافذ الريح في رأسك
وعن الذئاب الحزينة، التي تولد كذلك..
وعن الغرباء الذين تبيت في أسرتهم
وأيديهم الباردة تحت الغطاء..
ومع الوقت، تصبح أكثر يأسًا
وتتخلى تدريجيًّا عن الرغبة في العودة للمنزل..
وقد تبدأ بحقن نفسك، أو الالتهاء بسباق الدراجات.
وحينما تفكر في الحياة،
فأنت ستعيش لعامٍ آخرٍ على الأرجح.
الثلاثين؟ تبدو بعيدة جدًا.
وقد تصر على الموت قبلها، منتحرًا تقريبًا، نكاية بوالدك.
وفِي حال بقيت يقظًا، لسنوات أخرى
بفضل الأصدقاء ربما، أو المورفين..
فعلى الأرجح، ستكون ما تزال تعيسًا،
بالرغم من كونك، على الأرجح أيضًا، ستكون قد غفرت لوالدك.
لقد كان تعيسًا هو الآخر، وهذا كل ما في الأمر..
أصبنا بالتعاسة، بسبب آبائنا تقريبًا..
حتى حينما صرنا أكبر منهم
وكنسنا فتات قلوبهم
واتكأوا علينا كعكاكيز من بلوط..
حتى حينما تضاءلوا، مثل ظل يبتلعه النهار
وتشبثوا يتامى، بأطراف أثوابنا، لنتسامر معهم قليلًا..
كنا ما نزال تعساء
لأن أبًا قديمًا تركنا ننمو في الظل
ونتعفن من الحزن في العلية
وأخبرنا مرة-بينما يلقم بندقيته-
أن الأبوة عمل لا يناسبه،
وأنه تمنى لو لم يكن موجودًا..
وسحبنا جثته ذات مساء من النهر
وحين أفاق، لم يأسف سوى لبقائه حيًّا..
أصبنا بالتعاسة، وهذا شيء لا يمكن شرحه..
فبينما نحنو بيد على آبائنا المتكسرين،
المنكمشين في نهاية العمر
-مثل يتامى على زورق مكسور-
نكدس الأدوية في الخزائن
ونتجاهل هذه المشارط على الرف
وندفن الرغبة القديمة في مشاهدة الأب مقتولًا..
خاصة حينما ينادي بحب على أسمائنا.
١ أغسطس ٢٠١٧.