محمد الحرز
عالياً..
أسمع النداء، ولن أرتجف.
العصفورة سقطت على الرخام
وأنا أجر الرنين بيد واحدة يا أبي..
لا أثر للصرخة، أو للسكين هناك.
سأنتظر الدليل يأتي، لكنه لا يأتي
حتى الصدى الذي ربيته في الطريق
ضاع من يدي..
أنا الوحيد يا أبي
دربت الوحشة لي ومضيت
شمسك غادرتني عند الضحى
والشعاع في المدن يتسول.
وأخوتي تركوا الوصية تكبر في الصحراء
في رحل طرفة بن العبد
في كلمة كانت تحوم كالطير فوق رؤوسنا
فلا بأس إذن
لو كان النهار يرتد مع السهم
ليعود إلى القوس ثانية .
لو كانت التعويذة المدفونة تحت سور البيت القديم
أصبحت في عتمة الجذور نواة لمواسم التمر والرطب.
لكن الرماة خانوا، والماء في المجرى
أوقفته الأحجار والأكاذيب والطفولة
المدى أوشك أن يعوي مثل كلب جريح
والريح التي خلعت جلدنا ونحن نناجيك
على هضبة عالية
اليوم مرت علينا..
الخطوة هي الخطوة ، والآثار هي الآثار.
سأنتظر عبورك ثانية يا أبي
أقدام الأخوة غاصت في الوحل
والحبل الذي عقدوه للنجاة، أخذته العاصفة
إلى غابة كثيفة الأشجار.
ولا منجى من حرب
قد تصل متأخرة بالبريد
وعندما تعود ..
ستجد الليل أعمى يتكأ على سحابة
وأنا أجمع القطرات في إناء
ستجد رسائل أمي مبعثرة في صحن الدار
وهذه السلة على العتبة
مليئة بالحنين
بالوقت
بالعرق الذي عنوناه “حياتنا تصعد السلم”
سيكون أمل
لو احتسينا الرنين دفعة واحدة
في حانة الأيام
سيكون أمل ..
عندما عشبة صغيرة
في وسط البحر تتشبث
بأجساد الناجين من الغرق
لذا سأنزع ظلي، وأرميه على الجدار مثل حجر
لأن العراء هو عبورك الأخير .