عبد العزيز دياب
أن تشاهد شخصًا يمشى نفس مشيتك، يخطو نفس خطاك، عنقه يقظ وذراعاه تجدفان بحكمة فليس معنى هذا أنه قد صار أنت، يقوم بنفس أفعالك، يعلق الجاكت على كتفه ساعة خروجه لأنها ستكون بردًا في المساء، يبحث عن قطة كانت تتمسح بك كل صباح، يمنحها مداعبة سريعة، أن ينحرف إلى سوبر ماركت “زيزينيا”، يشترى علبة سجائر، يقذفها كما كنت تفعل لتقترب من سقف المحل ويلتقطها، أن ينادى عليه بائع الجرائد بنفس اسمك ويناوله جريدة الصباح، وتقذفه بنفس ذلك الاسم/اسمك بائعة الفاكهة عند ناصية الشارع وتقذفه بحبة فاكهة، وفى يوم عطلتك الرسمية يدخل نفس السينما التي تواظب على حضور عرضها الجديد، يطلق مثلك صفيرًا وصياحًا فاجرًا- كما يفعل المراهقين- عندما يقبل البطل البطلة بشهوانية، يشعل سيجارته لحظة مغادرته دار العرض ويغازل البنات المزز، ينحني أمام كافيه “حكاية” ويحكم ربطة حذائه، يطلق صيحتك المعهودة لحظة دخوله الكافيه: وصل… وصل يا رجااااالة، فيستقبله النادل ببشاشة، نفس البشاشة التي كان يمنحك إياها، يهمس في أذنه بآخر الأخبار الخبيثة، لأنه مثلك ليس بحاجة للأخبار العادية، طاولته معروفة في الركن الذى منه يستطيع مشاهدة المكان بأكمله، يبدأ جلسته مثلك بقراءة عناوين الجريدة مع عصير جوافة، وفنجان القهوة عندما يطوى الجريدة ويبدأ بتصفح الموبايل، لكن أن تأتى صديقتك فيستقبلها مثلك كما يستقبل “عمر الشريف” “سعاد حسنى” في فيلم “إشاعة حب”، أن يناديها باسمها ويطلب لها عصير ليمون مشروبها المفضل الذى كنت توصى به النادل قبل مجيئها، أن يحدثها عن تأخر إجراءات تسلم شقته، وينتهى الحديث بالمناقشة الحارة ويرتفع صوتهما وتغادر المكان، تمامًا كما كانت تفعل معك، فليس لذلك معنى آخر غير أن ذلك الشخص الذى تشاهده عن بعد هو أنت.