فأستفيء
ظلّ نجمةٍ
قد أضيءُ
إن أضاءتْ
لكنّها
هي الأخرى
لا تُضيء
فما الذي يُحزِنُ النجْمَةَ
في مثل هذا اليوم الطويل
كطريقٍ
هو الآخَرُ
لا يَنْتَهي؟
ما النمنمة في الأصابع
ما التشنُّجُ في الذراع
ما الوجَعُ في القَلْبِ
ما هذا الصباحُ
يُثْقِلُ الألَمُ الرأسَ
يُثْقِلُهُ…
يُثْقِلُهُ أوْ يَنْزَعُهُ
لا يَنْزَعُ الرأسَ
غيْرَ فِكْرَة مَيِّتَة
لا يَنْزَعُ الرأسَ
غيْرَ فِكْرَة تموتُ
إذا أهمَلْتَها
السيْفُ لا يَنْزَعُ رأسَ الفكْرَةِ
إذا لم يُحَدَّ بِفِكْرَة
ما الفكرة
هل هذا ما يُنَمنِمُ أصابعي
ويُصيبُ يدي بما يوجعني
ويخلَعُ القَلْبَ
أو يكادُ يَنْزَعُ رأسي
أيْنَ رأسي
صَدْرُ من هذا الفراغُ
من أسْنَد هذا الصباحَ
على ذكرياتي
ما الذكرَياتُ
سَأذْكُرُ
في يومِ ذكرى
لم أضِعْ من رأسي الفِكْرَةَ
سأهمِلُني حَتْماً
إذا أهمَلْتُها
سأموتُ
إذا لمْ أرْوِها
سأعودُ
إلى ألَمي أعالِجُهُ
إذا أعدْتُها
إلى أرضِها
أرضُ الفِكْرَةِ قلبي
هُناكَ
في مكانٍ ما
تبْدَاُ النَمْنَمَة؟
مضى الوقتْ..
منذ ساعة أو ساعتين انتظرتْ
لم يأت ساعي البريد ولا..
رنّ هاتفٌ وإنّما..
لاذ كلّ شيء حولنا بالصمتْ
غنّى المغنّي أغنية على الأثير
فران في البيت صوتْ
لم ينصت أحدٌ جيّداً..
فضاعت القصيدة في جراب ساحر
وطارت حمامة من كمّ بائع الترمس
في سوق خان الزيتْ
آه.. يا ريتْ
كم أشتهي الترمس..
من سوق خان الزيتْ
آخذه في قرطاس..
وأكزكزه
في الطريق المدرّج..
إلى البيتْ
آه.. أين البيتْ؟
لا تَنْكَسِرْ
لَمْ يَزَلْ أمامَكَ
في الطريقِ الطويلِ
طريق
وأحلامُكَ يا حَزينْ
كَقَلْبِكَ العَليلِ
تَنْتَظِرْ
أنْ تُشْفى
من هذا الفِراقِ اللّعينْ
بَيْنَكُما
وَبَيْنَكُما
بَرزَخٌ
وَجِسْرٌ تفتَّتَتْ ألْواحُهُ
وذكرَياتٌ
سطا عَلَيْها السُطاةُ
والسُطاةُ آفلونَ
وغابِرونَ
ذاتَ يَوْمٍ
قريبٍ أو
قُلْ ـ إن شئْتَ ـ
أنّهُ بَعيدٌ لكنَّهُ يَقْتَرِب
والمُهِمُّ
ألمُهِمُّ الأكيدُ
أنْ لا تَنْكَسِرْ
لم يزل في الكأس بقيّة
والقضية
لم تزل معروضة على الشارع
والشارع لم يغلق منافذه بعد
والسمسار ما زال يقايض الشعب على حريته
الشعب لم يقل كلمته كلها
شغلته عملية ولادة قيصرية عاجلة
عن الإبداء بما تبقى من رأيه في القضية
والحرية
لم تقف متفرجة على رقصة النار.. في الميدان
ثمة من رآها تعدّل ساعتها على الحركة الأخيرة
تُرى
هل يعرف أحدٌ
كيف ستكون الحركة الأخيرة
إن لم ينهض الشهيد على قدميه
كالحصان
ويقفز
من فوق الحواجز التي
تبدو كمسامير في حلق الأفق؟
وأنا..
هل سأنتظر حتى ينتهي الرقص..
لأشرب ما تبقى في الكأس
في هدوء الحاكم أمام صور الضحية
وهو يعدّ خطاب ترشّحه المقيت
من جديد
وانفعال الشاعر فيّ..
أمام تأخر القصيدة
عن البوح؟
هل سأنتظر طلوع النهار..
لأطلّ من نافذتي على الشارع
فربّما أرى القضيّة
على الأعناق تهتف:
تحيى الحرية
وأرى السمسار
مكبّلاً في الميدان
في محاكمة شعبيّة؟
تلك قضية أخرى
بحاجة إلى عمل
ما الذي سيحدث الليلة ونهبه لغد
ما حدث البارحة لم ينته بعد
وكأنّ كلّ شيء سيحدث من جديد:
الثورة وسقوط الطغاة وانقلاب الشعوب على نفسها
واندلاع شمس مخبّأة في الجوانح
وهروب الرمل من الصحراء إلى الصحراء
ودعوة من القلب أن ينهار الاحتلال كانهيار حائط برلين
وأن أموت في القدس (أعرف أنني لا أموت في القدس)
وأن تنهض مصر على ما يؤلمُها
وأن ينهض السوريون من جراحهم ليكتشفوا
أنّ النظام والجماعات التي امتهنت القتل باسم الثورة
قد وضعوا في أكياس من خيش أرسلت هدية إلى البيت الأبيض
وإلى مجلس الأمن.. وأنّ عليهم.. على السوريين أن يعيدوا بهاء سوريّا
بما تبقى من حياة؟
بما تبقى من حياة سأحب الحياة
نكاية في الطغاة إلى أن يذهب الطغاة مع الريح
إلى حيث تذهب الريح!
ـــــــــــــــــــــــــ
*شاعر وروائي فلسطيني