سيبقى الرّفّ هكذا جرحاً مائلاً
ونازفاً لآخر النهار،
ولن يبرأ سريعاً
إلاّ برمي كلّ هذه المعاجم
بجميع اللّغات والألسن
إلى القمامة،
ومعها كلّ هذا الرّكام
من الغبار والجلود الكالحة،
وإبدالها بحزمة أفلامٍ مقرصنة
أو بلعبة أطفالٍ خفيفة
وجرائد بلا وزن.
لستُ في حاجة إلى بنادق صيد
أو إلى هراوات وسيوفٍ وخناجر
لطرد كلّ هذه المفردات
من الغرفة،
ولا إلى قوّات إضافية
لتفريق شملها ونسلها بالكامل
بين الغابة والمحيط
والنّواحي.
سوف لن أرى أحداً
عند إخراجها ليلاً إلى الشارع.
الجميع تنحّوا عن طريقي،
ملائكةً وشياطين.
أعرف أنّني في ساعةٍ
غير هذه الساعة
سأكون مصلوباً كالغُراب
على حائط افتراضي.
أعرف أن هذا لا يصنع فارقاً
مثل تبديل عجلةٍ بأخرى
على إحدى محطّات مضمار السرعة،
فيما تظلّ الطريق
هي ما يتبقّى من الطريق.
لقد رفعت رميمَ بصْماتي
كلمةً كلمة،
مسحتُها من المعاجم كالأخطاء
المتعذّر مسحها بالنّار والطين،
وجفّفتها بلا أسف
من القطرة الأولى.
رفعتُها بملاقط من نحاس
على مقابض الأبواب والنوافذ
وأزرار معاطف الضوء
وزجاج المصابيح،
على الكؤوس والمنافض والشّاشات
وسلسلة المفاتيح القديمة،
حتى صار هذا الرّكح الأسود لي،
لن يشاركني السّقوط عليه
أحدٌ بعد الآن.
سأطوي حياتي مرّتين
وأعلّقها بدبّوس وراء الباب.
مثل طائرةٍ من ورق
أو لمبةٍ مطفأة في مركبٍ سكران.
سأطويها من المُنتصف
وأرتّبها في حقيبة ساكسفون.
لن يبقى منها لحن فالتٌ
أو مبعثرٌ في الخارج،
ولن تترك للأذى أيّ دليل
غير زفرةٍ
لها طعمُ خلِّ المائدة
أتحسّسها في باطن راحتي
مثل نجمة.
* شاعر من المغرب