أسئلة بلا تبعات

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 شيماء جمال 

عزيزي،

ربما لم أخبرك أبدًا أنني أظن أننا متشابهين. لم أخبرك لأنني أعلم أنك تظن أن ليس كمثلك شيء، فأنا أظن بنفسي ذات الشيء وهذا – كما ترى - أول تشابه. تشبهني أيضًا في ضجرك وفي صبرك، تشبهني حتى في الأولويات. ولكنك لم تهتم أبدًا بإبراز هذا التشابه، الذي ربما كان ليجعلنا ثنائيًا مثاليًا، كمثاليتنا فرادى. لم تهتم سوا باختلافنا في توظيف الصبر والتعامل مع الضجر، لم تهتم سوا بتعارض أولوياتنا رغم تشابهها. لم تهتم "بالتوفيق" بين تلك الأولويات، ربما لأن التوفيق بينها مستحيلًا وربما – وهو الاحتمال الأدق – لم تحاول التوفيق بين أولوياتنا لأنك كنت "زهقان".

هل أصيبك بالضجر؟

لا أحتاج لإجابتك على هذا السؤال. فأنا أعلم أنني "مسلية" – مثلك تمامًا – وأنني لا أصيبك بالضجر أبدًا. أنت تضجر من طلباتي وتوقعاتي. وأكثر ما يصيبك بالضجر أسئلتي، ليس لأن ليس لهذه الأسئلة إجابات، بالعكس. تضجرك أسئلتي ذات الإجابات الواضحة، تضجرك تارة "لإني بتسغبى" وتارة لأن هذا "الاستغباء" يهدف لتقرير واقع لا تريد أنت تقريره.

أستطيع فهم ضجرك والتعامل معه أحيانًا لأنك تصيبني بذات الضجر – فنحن كما أوضحت سابقًا متشابهين. فأتجاهلك أحيانًا وأنفجر في وجهك باقي الوقت. أصبر على هجرك ولا أتعود قربك أبدًا. أودعك في كل مرة الوداع الأخير وأعاهد نفسي ألا أعود إليك أبدًا. ثم تعود فألقاك كما لو لم تغادر أبدًا. ثم تلح الأسئلة، فأقاومها لأنني أعلم الإجابة، أو ربما لا أعلمها يقينًا ولكنني أعلم يقينًا أنك لن ترغب أبدًا في منحي يقينًا. لكن يغلبني الضجر فأسأل، فيغلبك الضجر وتثور.

ندور في دوائر من الضجر والضجر المضاد الذي يمكن أن يتوقف لو توقفت أنا عن الأسئلة، أو ربما لو منحتني مرة إجابة. فالإجابة لن تكلفك الكثير، الإجابة بنعم أو لا لن تكلف أكثر من نصف دقيقة. ولكنك كما الحياة، لا تمنحني اليقين أبدًا. تتركني بشبه يقين يجعل من الإجابة واللا-إجابة سيان. لا تمنحني اليقين لأنك تعلم أن الضجر وحده هو ما دفعني للسؤال، لا تمنحني اليقين لأن ضجري يضجرك. فتتركني لضجري وأتركك لضجرك، ثم نعود بعدما يقتلنا في البعد الضجر.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة مصرية

 

 

 

مقالات من نفس القسم