مريم ساني
-حبوب ميلاتونين؟
سألت العاملة الجديدة بالصيدلية، أقول جديدة لأني لم أرها قبلا، أو ربما رأيتها ولا أذكر، لم أنم إلا ساعتين في الأيام الثلاثة الأخيرة، إحساسي بالعالم متضائل مقارنة بإحساسي المتعاظم بحركات دماغي داخل الجمجمة: قطعة اسفنج تسبح بجذل في سائل هلامي حتى تصطدم بجدران عظمية ، ولهذا تركيزي على التعرف على العاملة كان منعدما، بالكاد غمغمت:-اه
طفقت تثرثر عن حبوب جديدة أفضل من هذه، لكن الاطباء لا يصفون إلا الأدوية التي يأخذون مقابلها هدايا من مندوبي شركات الادوية، لأنهي هذا الحديث طلبت بشيء من الحدة أن تمنحني الدواءين معا، الموصوف في وصفة الطبيب بالإضافة الى الدواء المعجزة الطبيعي من الأعشاب الخالي من الكيماويات والأعراض الجانبية بطعم الفانيلا، دفعت ثمنها وخرجت أحمل كيسا ورقيا باصابع اسفنجية ايضا، وساقين اسفنجيتين تخطوان في الهواء وليس على أرض صلبة، أريد أن أنام، سرير وغطاء وظلام وعينان مغمضتان هو كل ما أفكر به، على استعداد أن أبلع أي شيء من أجل ثمان، كلا، ست، بل مجرد أربع ساعات نوم متصل غير محفوف بكوابيس أو منغص او أقل ضجيج يوقظني
وصلت منزلي ، وصلت مطبخي ، ملأت كأس ماء وبلعت حبة من كل علبة، لا أذكر أين رميت كيس الأدوية ولا حتى أين وضعت الكأس، لكني أذكر توقيت إغماضي لجفنين ثقلا كالفولاذ ، آخر ما رأيته هو الساعة إلى جانب السرير …
استيقظت، اشعر بالانتعاش ، تساءلت بمرح” كم لبثنا؟” نظرة الى الساعة اخبرتني اني نمت عشر ساعات متواصلة بلا انقطاع، حركت راسي يمينا وشمالا لأجد ان دماغي عاد للعمل بصمت دون الإعلان عن السباحة الحرة التي يهوى القيام بها كلما جافاني النوم لأيام، بالمقابل أحسست أني أرغب بالرقص فرحا، أشعر بالجوع، لأؤجل الرقص إلى حين ملء المعدة ، آخر ما أحتاجه ان تعلن هي الأخرى عن وجودها ولم يمض على إحساس الهدوء داخلي سوى دقائق، في المطبخ أعددت لنفسي وجبة سريعة، فتحت النافذة لأتفرج على عالم مستيقظ وأنا مستيقظة حقا وليس بين عالمي الوعي والسنى، طعم الشاي يبدو ألذ، والشارع يبدو.. يبدو .. يبدو متوقفًا!
كأنه صورة فوتوغرافية؟ تلك السيارات لا تتحرك، امراة مع طفليها لم تخط خطوة واحدة وحتى الطيور على الشجرة المقابلة لنافذتي تحدق بي دون حركة، كأس الشاي يتحرك في يدي، ربما لم أستيقظ كليا بعد؟ بحثي عن كيس الادوية و تفقدي العلب أفصح عن تناولي اثني عشر حبة متفرقة بين الدوائين، هل أحلم أم اهذي؟ عدت لغرفة نومي لا أدري كيف تحملني قدماي أصلا لها، لأجد جسدًا يشبهني مازال على السرير، رباه، كم هو مسالم منظري هذا، محظوظ جسدي بهذا النوم ، ربما، أخيرا، سأنام بدون انقطاع او كوابيس ؟ استلقيت إلى جانبي، عم الظلام حتى بدون أن أغمض عيني
…………………………………………….
كاتبة مغربية