فاطِمـا خضر
«أنــا لَكْ على طول»
لا يأتي الحنينُ بوداعةٍ
بَـل بـقــسـوةٍ
.
يُـلـقـي بـظـلِّـهِ
عـلـى شُبّــاكِ قــلــبي
صارخًا باسمِكَ
.
أفتحُ له بابَ قلبي
خــوفًـا مــِن أنْ يُوقـظَ الـجــيــران
.
يـــدخـــلُ…
يحفرُ في ثــقـوب ذاكـــرتي
ينزُّ الماضي من عينيَّ
دمعةً فدمعة
.
أنظرُ لانعكاسِ وجهي
في المرآة…
.
ها هي قُبلتُكَ
تتدحـرَج عـلى خَدّي
تليها «الأيّامُ المخمورة»
يـومًـا تـلـوَ الآخــر
.
ثُــمّ…
تستقرُّ على شَفَتَيّ حارقةً
«ولـيـمـةٌ لأعــــشــاب الـبــحـــر»
تَنضحُ أسماكٌ من جدران غُرفتي
.
هَــا أنــــا أسـتـلـقي بين فَكيّ سمكةٍ تُغنّي
«ابعتلي سلام… قول أَيّ كلام
من قـلـبـك أو من ورا قـلـبـك
خُود عِين منّي، وطُلْ عليّا»
…………………………………………………..
رائـــحــةُ الــصّــــــوت
يشدُّ صوتُ أمِّ كلثوم
قــلـبي مـن أُذنِــه
.
تـنـزفُ أُذنــي
تنزفُ من شدّة الفقد
إلى حدٍّ تسقط معه
بـيــن يــدَيَّ
.
يــســقطُ مـعــهـا
خلافُنا، ذكرياتُنا، صوتُكَ
ونجمةٌ لها هيئةُ ندبةٍ
أعــلى خـــــدِّكَ
.
يُــصــبــحُ كـــلّي دَمًـا نـازفًـا
وتُـصـبـحُ عيناي دوامــةَ نــجــــومٍ
رسمَها فان غوخ
.
أتـــخــبّـــطُ
داخل دهاليزِ صوتٍ
له رائحتكَ
.
أصـرخ بصمتٍ قاتلٍ:
أفــتــقــدُكَ…
.
أفــتــقــدُكَ
وأنت هُنا في قلبي
.
في الرّكن الذي
لم يدخله أحدٌ قبلَكَ
ولن يدخله أحدٌ
بــعــدَكَ
.
في مقامِـكَ
العالي المقدَّس
الضاجِّ بعبق سجائرنا
وأحــــاديــــثٍ لَـم تــنــقــطــع
لو كنت أكثر جرأةً والتصاقًا
بـامـــرأةٍ أحــبّــتــكَ بــحــرًا
لم يـبـقَ لها مـنـهُ
ســــوى مــلـــحٍ
على جرح
.
أفــتـقـدُ
ما حـــدَث بـيـنـنـا
وأفتقدُ أكثر ما لم يحدث
.
أفــتـقـدُ
ذاتي بـعـدَكَ
تـفـاصـيـلَكَ بـعـدي
تأثيري فيكَ الذي تلاشى
وتـأثــيـرَكَ فيَّ الـحَـيّ الـقـيّـــوم
.
ضــيــاعي الـفـتّـــان
بين ذراعيكَ
.
وســـرّنــا
المكـشوف في عيوننا
عند الـتّــلاقي
.
لــكـن…
كـمـا تـقـولُ الــسِّــــت
«وعِزّة نفسي مَنْعاني»
…………………………………….
صَـبــــاحُ الـمـوج
صديقان
تبادلنا الأحاديثَ والمُزاح
وهيستيريا الضَّحك
.
قلتَ «أحبّكِ»
توهّـجـت غـمـازتـاي
فـأخـذتُ مـزاحَـكَ على
محمَلِ الجَدِّ
.
هـذا هـو الحُـبّ
مُمـارسةُ الأشـياء العاديّة
تَـــصــحـــو وتـــقــولُ لي
«صــبـــــاحُ الــمــــوج»
.
يُجيبُ الكونُ بصوتي
«صـبـاحُ حـبـيـبي جــدًّا»
.
ينبتُ حبقٌ
على حواف نهارك
ويؤول قلبي لماء
.
وردٌ
لا تُفسّر رائحتُهُ
وجــــودُكَ في دمي
.
شمسٌ
متوهّجةٌ بالألفةِ
أنتَ…
.
يحطُّ صوتُكَ عصفورًا
في مـيــدان مَـسمَـعي، أصـيــحُ:
صوتُــكَ عليه السّلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة ومُترجمة من سوريا ..الديوان صادر عن دار النهضة العربية – بيروت/2025