النجاة من الشارع المستدير
نجوت اليوم
عبرت الشارع المستدير،
وحتى لا أتعثّر
تظاهرت، بالرقص داخل حلقاته غير المعبّدة
بفعل بقايا وليمة الليلة السابقة،
أرهقتها دمعات
ما زالت تحتفظ بدفئها وقت عبوري،
كونت بركة حائرة عند ذلك الرصيف
الذي بدا آمنًا تمامًا
أدركت شالًا أحمر مزكرشًا
وحذاء رياضيًّا له نفس اللون
وقلادة تحمل اسم “ليلى”
ومفتاحًا يبدو أنه لحصالة أُرجوانية صغيرة
وحزام ساتان حاول لفّ خصر إحداهن بإحكام
يبدو أنه انزلق
وبعض عفويتها
وفردة حذاء زجاجي وحيد
أراهن أنه لفتاة حسبت نفسها سندريلا…
مسكينة
صدح مكبر الصوت بأغنية تتشظى،
مديات ونصال وزجاجات فارغة
جفت صحف مدينتنا ورفعت أقلامها منذ أعوام
إنها أبواق بعث الموتى في كل يوم
الذين يتجمعون للرقص دون سبب واضح
أسرعت في خطواتي
أخشى السقوط واقفة
والسقوط طرحًا
أنبتت عمدان النور غربانًا سخيمة
تنعق بكلمات تخلع عني ثوبي التحتي
وتفض بكارة الفتاة التي سبقتني بخطوات
تمتد أيادي الشحاذين
والضباع وبائعي الكتب والتبغ وحلوى الصغار
متحسسة نهدي المرتجف،
أراوغها
لا يثقلني سوى الملابس التي تدججت بها
أزيد من إيقاع خطوتي
لأعزف مقطوعة الهروب
أجل لقد نجوت
لأشتري لأمي الطحين
من متجر قابع بنهاية شارعنا المستدير.
بيوت رملية
لا بد أن يأتي لها يوم،
مهما بدت البيوت الرميلة متماسكة
دقيقة التفاصيل،
أن تنهار بفعل الهواء والملح
طلبت الحماية من رجولته العظمى
وكنت قد قرأت في جريدتي صباح ذلك اليوم
أن القوى العظمى
لا تعمل سوى لمصالحها
وتحالفاتها المثمرة
تحالف جسدي مع جسده في ذات الصباح
تحالفًا
أثمر عن هزة عنيفة أسعدته
وبعثرتني
في موضع آخر من الجريدة
صورة بالأبيض والأسود
لفتاة سقطت ألوانها سهوًا
يسكن في عينيها ألف بيت رملي
أقدمت على انتحار ناجح
بقميص حبيبها الأبيض
بعد هزة عنيفة أسعدته
وبعثرتها،
انهلت بنهم على فراغات الكلمات المتقاطعة
في محاولات مستميتة لملئها
لا تنتهي
فراغات بين العقل والروح
أما القلب فقد أعيته الثقوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعرة مصرية،
الديوان يصدر عن دار المحرر .. معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
