إيمان جبل
“وضاعةُ الحياةِ داخل قصص الحب”
بإمكان جُرحٍ يتيمٍ
أن يكتب ألفَ قصة أصلية..
ما من واحدة بالمجموعة
تُشبه الأخرى
بإمكانك أن تشهد معي
ميلادك المستمر
في كل كلمةٍ
دون أن تتكرر مرة وحيدة
لا أعرف هل أسميها بلاغةَ الأدب
أم وضاعة الحياة داخل قصص الحب!
…………………………………………………
“مأساة نادرة”
هل تتعافى الذاكرةُ؟
هل سبق لك وقابلتَ ناجيًا وحيدًا
من الأثرِ المزدوجِ؟
إن كان الواحدُ منا صنيعَ التروما،
فماذا يمكن أن يتبقى منه
حينما يتم عصره!
التورطُ نقطةٌ خطيرةٌ
في مسألةِ الوجود البشري..
تجرحني فأتورط مع الجُرح
يتوه كل منا في الآخر
فلا نعرف كيف نفصل
بين المأساةِ الشخصيةِ
والعارِ المشتركِ
الوجود البشري نفسه
بصمة خزي تسرح في روحي
ولولا أنك مررت من هنا
لكانت خانة الغياب حجّة
تحميني من زمنك
ومن الجغرافيا التي منحتُها
جوهرةَ عمري
فأثقلتْ الفؤاد حتى هوى
ما نوعية القوة التي يجب أن تملكها
في طريق حماية حزنك من السَّفَلة
والفضوليين
والأغبياء
وأبناء المصاطب!
هل سبق لك ونصحك طبيبك
بتشميس جُرحك؟
أنا أقترح هذه الرفاهية عليك
حتى إذا أتى الليل تغالبه ببقايا الدفء
فبرودة الموت مع الليل والألم لا تطاق..
ربما تكون الهاويةُ
مطمعًا للغزاة
ربما يصيرُ الزمنُ
حملًا فوق عينيك
ربما يختبرك الموتُ
في نظرتك للحياة
ربما تصبح كل التأويلات
مكابرة ومبكّرة
ولكنك ما زلت حيًّا،
وأمامك فائض أيامٍ
عليك أن تعيشها
بالطول وبالعرض
وهذه مأساتك النادرة بكل تأكيد.
…………………………………………………………
“أمهلني يومًا آخر”
كمن ينتظرُ عودةَ آخر أبنائه
إلى البيت
أنام لسنواتٍ خلف الباب
لا الباب يقبلني
ولا أنا أفهمُ لغةَ الابن الغائب
في الليل أنا بابٌ
ومقبضي قلبي..
وفي العيد أنا حربٌ
وحلوى العيد نسخةٌ أصليةٌ عن الموت،
عن موتي
هب لي بلدًا
لا يكون الموتُ فيها مرادفًا للموت
هب لي أرضًا آمنة
أنام فيها ليلة واحدة
دون الخوف من الأبواب
والغياب والحب والموت
بالأمس كنتُ خيطًا
سحبني أحدهم حتى انتهيت
وفي آخر ثانية فكرت
لو أني قمت بحرق طرفي
بعود ثقاب..
لحظيت بميتة إضافية
أُبْعَثُ من بعدها ثانية
لأكمل اللعبة
التي لا أعرف سبيلًا لرفضها!
يميل الحبيبُ على كتفي
فأقول له:
“أمهلني يومًا آخر،
فلربما أحبك في الغد أكثر
ربما أتمكن من التعرف عليك”
يُقبِل الغد وكلنا باب
وكلنا موت
وكلنا آخر الأبناء
…………………………………..
“قلب المنفى الصافي”
بكلِّ المحبةِ في قلوبنا
نود أن نلوّح لكم
من أبعد نقطة بالعالم..
حيث لن تكفل لنا المسافةُ
النسيانَ الآمن
ولن تمنحنا أجنحةً للمغفرة
ولكنها ستسمح لنا أن نغفو
دون أسلحةٍ تحت وسائدنا
سَتُمكننا من النور فيكم
دون رؤية حقيقية لأبعاد الجُرح
“لأن الجروح سنُخدرها
بالمنشأ الأصلي،
تحت جلودكم”
سَتفتح عيوننا
على التبريرات الناعمة
كأن نبرر شهيتكم بالقتل
بكون الجرح المفتوح شركًا مثيرًا
ينادي السكين بصوت أم
تحفز ابنها من أجل وجبة غداء
بكون السكين مطواعة
لرغبتنا الدفينة
في الموت
بكون الموت وحده هو المسؤول
عن تركيبتنا الغريبة
في ذلك القرب الطاغي
يتراص الجميعُ في خانةٍ واحدةٍ
خانة الذين نحبّهم بشدة
ولا نقدر على العفو عنهم
لو تفهمون كيف يجعلنا المنفى
نحبكم بشكلٍ أفضل
كيف يسمح لنا بتصويركم
بكاميرا الروح الأمامية
بفلتر يرشح العتمة
والنزف والموت
بنقاء يوازي الحب الصافي
للمرة الأولى!
لقلتم:
“سامحناكم على الرحيل”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روائية وشاعرة مصرية .. الديوان تجربتها الشعرية الأولى يصدر قريبًا عن دار المحرر