محمد غازي النجار
قطارُ منتصفِ الليلِ
معتمٌ مثلُ قلبي في منتصفِ النهارِ
دودةُ أرضٍ تَشقُّ نفقًا في الظلمةِ الخضراءِ
فلّاحٌ عجوزٌ يَسيرُ مُهترئَ الثيابِ بكرسيّهِ القديمِ ذي العجلاتِ
قطارُ منتصفِ الويلِ
يمرُّ كالنذيرِ
ويزمجرُ كديناصورٍ صحا منْ سباتِهْ
يُطيلُ الوقوفَ في المحطّاتِ قليلًا
كيْ يَلحقَ بهِ ركّابُ الفرصةِ الأخيرةِ
يتشبّثونَ بالمقبضِ
وبالصبرِ
ويَرمونَ بأنفسِهمْ في بطنِ الحوتِ
أشباحًا تجلسُ علىٰ أشباحِ المقاعدِ
يتنفّسونَ هواءَ الليلِ الأسودَ
يتمدّدُ في رئاتهمِ الحالكاتِ
يُطالعونَ من النوافذِ المهشّمةِ
حياتَهمُ المهشّمةَ
ويُمصمصونَ شفاهَهمُ المهشمةَ عجبًا
يتنهّدونَ فلا تبيضُّ رئاتُهمْ
يتململونَ
يعبثونَ
يتوهمونَ
ويحلمونْ
فلا تبيضُّ حتىٰ كفوفُهمْ
ولا اللمبةُ المهشمةُ
ولا الأفْقُ البعيدْ
منْ محطةٍ إلىٰ محطةٍ
يَركبونَ مُطأطئينَ رؤوسَهمْ
يَنزلونَ خافضينَ رؤوسَهمْ
وحقائبُ الهمومِ علىٰ ظهورِهمْ كما هيَ
وشبحي كما هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر مصري