INSIDE OUT .. كيف تُصنَع السعادة

راما غيث
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
راما غيث كنت أهرب دائمًا من مشاهدة أفلام الأنيميشن، لاعتقادي أنها ساذجة، لست في حاجة لها، منذ أيام داعبني بوستر فيلم (Inside Out)، كنت أفتح مقدمة الفيلم وأعود لأغلقه من جديد، اتركه وافتح أوراقي لأكتب ولكن الكلمات هاربة والأفكار سخيفة، استدعي ذكرياتي البائسة; فأغضب واقضي أجازتي في النوم، حتى مورفيوس (صديق أحلامي) لم يعد يزورني، فيرافقني الأرق، اليوم قررت المشاهدة لأستمتع بالألوان، فمللت لون غُرفتي القريب من لون ريش الكتاكيت، ابتسمت كثيرًا مع (فرح) تلك الفتاة التي تُشبه ضحكة (سلمى) ابنة أختي، ألوانها الفسفورية وقفزاتها المبهجة عندما تكون في شدة درجات السعادة، هي المتحكم دائما في كل المشاعر الأخرى، فتعرف متى توقف الغضب وتهرب من الاشمئزاز وتطرد الخوف، تخلط الذكريات فتواسي (رايلي) - بطلة الفيلم - ترسم لها التوقعات، لا تنتظر خيبة الأمل تُحبطها، فتلاحقها برسم توقعات ملونة أخرى، ومع محاولات (فرح) المستميتة في رسم البهجة بداخل (رايلي) شعرتُ بالتعب، فكان لابد للمشاحنات أن تنشأ بين (فرح) و(حُزن) التي تُشبهني كثيرا، تلك التي تشعر دائما أنها منبوذة، فكل ما تلمسه يدها يلوَّن بالأزرق الحزين، تطردها (فرح) دائما لإفسادها كل اللحظات الباسمة الملونة الزاهية، حتى عند استدعائها للذاكرة تلونها بالأزرق البارد، فهي تطابقني بالتمام حتى في شكلها، عادة ما أتذكر أدق اللحظات تعاسة، الفارق هنا بيني وبين حزن، أن حزن حُبِسَتْ داخل دائرة، مأمورة من فرح بألا تتحرك خارجها حتى لا تفسد الأمور كالعادة، أحيانا أشعر أن أحدهم سيُملي عليَّ الجلوس في دائرة مماثلة بلا حراك أو ألا أتكلم حتى لا أتفوه بحديث لا معنى له، فلم أنتظر أن تظهر (فرح) وتضعني في دائرتها الطباشيرية، فبت أخرج في دعوات لرفقة الأصدقاء ولا أتفوه بأي حديث قد يثير ملل الآخرين، أجلس وأشاهد وأتبسم، لا أشترك ولا أعرف عما يتحدثون، فدائرة عقلي تدور بآلية مختلفة، ربما تذهب مشاعري في رحلة مماثلة من خلال قطار الأفكار، ولكن خيال (رايلي) الأفضل دائما، فالأطفال السماء ممدودة أمامهم بالكثير من النجوم والملائكة والشخصيات الخيالية مثل: بينغ بونغ المصنوع من حلوى (غزل البنات)، الذي يُشبه الفيل ويغني بصوت الدلافين، لا أتذكر إني كنت أملتك واحدة منها في خيالي حتى عندما كنت طفلة ذات يوم.  إن كنت أنا تلك الفتاة الجميلة (رايلي) فأعتقد إني لم أفقد حُزن وفرح رغما عني أو بسبب إضطراب بينهما، كما حدث مع الطفلة الشقراء، ولكني قمت بطردهما، فعندما تباغتني لحظات الحزن وابدأ في البكاء، أوبخ نفسي بصوت يدور في عقلي وأذني فقط ما تسمعه (انتي كبرتي مينفعش تبقي ضعيفة)، وعندما تضيء لحظات السعادة أمامي أخشى الضحك أو حتى الابتسام بصدق، يطاردني نفس الصوت محدثا إياي (هتفرحي شوية وهترجعي تعيطي)، صرت أهرب من لقاءات البعض الذين أحبهم، اخشى أن عدم مبالاتي ستثير اشمئزازهم مني، فأختفي بين ساعات العمل الطويل الذي يمر كطرفة عين وبين النوم، بعد مشاهدتي للفيلم شعرت بالامتنان لمن كتب تلك الفكرة وجسدها.  في النهاية تركت (فرح) (حزن) تؤدي عملها، فبدون الحزن لن نشعر بلحظات الفرح، إن تجنب المشاعر يحولنا لشئ مصنوع، لن يجد البراح وإن ذهب للصحراء، لذا بكيت مع (رايلي) حتى أشعر ببعض الحزن، امتنان لصناع فيلم (Inside Out) و (MR. Happy).  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتبة مصرية

 

 

مقالات من نفس القسم