COVID 19 أو” عطسة القيامة”

محمود قرني
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمود قرني

في المترو
بشارع “هامرسميث”
أسير بصحبة زجاجة محلول
ومسحةٍ مِن الحلْق
متوجها مِن جريدتي إلىَ المَشْفَى
أكاد أتجمدُ وسط بعض الأوجاع والمشاغل
العمال وحدهم يسيرون إلى أعمالهم
وأضواء البورصة عَلَى الجانبين
ثمة حديث عن أن العمال سينتفضون في قابل الأيام
لكن شيئا لم يحدث.
البورصة لا تنطفئ أضواؤها.
بالأمس كانت مؤشرات البيع مذهلة
وثمة حديثٌ عن أن رجلا
اشترى نصف الكرة الجنوبي لقاء امرأة سمراء فارعة
أحبها ذات يوم “وليم فوكنر”
وثمة حديث آخر عن أن نصف الكرة الشمالي
سيبيعه الساسة الجدد لقاء جبالٍ مِنَ الماس
في آسيا الوسطى.
لكنهم الآن يعملون على تطهير العالم
من الأساطير التي خلَّفَها “بيدبا” الفيلسوف.
الناس تبدو كحِمْلَانٍ منكسرة
وأنا لازلت أمضي في طريقي
لا أحد يسألني
لماذا لمْ أمكث في منزلي
لا أحد يسألني عن زجاجات المحلول بين يديَّ
لا أحد يسألني لماذا لا ترتدي قناعا
وأنا لا أعرف لماذا اشتريتُ كل هذه المؤن
رغم أنني أعيش بمفردي في مقر الجريدة الوحيدة
التي تتحدث العربية.
في المشفى قال الطبيب:
افتح فمك
ثم غمغم بشيء لم أفهمه
وأمرني بالانصراف
أنا الآن بالجريدة
كلفني رئيس التحرير بأن أكتب موضوعا عن “أرنولد توينبي” ونهاية التاريخ
قلت له إن هذا الرجل كتب في التاريخ وليس في نهاية التاريخ
فلم يهتم .
حرارتي عالية
لكنني أيضا لا أهتم
وأقول غدا ستطفئها ثلوج لندن
حلقي متورم لكنني لا أهتم
وأقول سأضيع الورم ببيضة ساخنة
صدري ضيق لكنني لا أهتم
وأقول سأستنشق بختين من موسع الشعب
عائلتي بعيدة جدا
وأنا لا أستطيع العودة إلى بلادي
لكنني لا أهتم
وأقول: وما الفرق بين الموت هنا والموت هناك؟!
كل ما في الأمر أنني ربما لا أجد هنا من سيلقنني الشهادتين
لكنني لا أهتم
وأقول لا حاجة لي بهما
فقد نطقت بهما مرات ومرات.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم