عواصفُ الأعمى
دقاتُ الجيران على الباب
تسقطُ منها أطيافٌ
وبما أنني المُتَوَّجَ هنا
سبقتني روحي
وتمشت لأبواب جديدة
فصارت الأصواتُ خيوطاً
والأطيافُ رماداً..
الهروبُ طيب المذاق
الهروبُ ناعمٌ كرقبةِ طائر
لكنهُ الآن
حَطَّاب الشجرة..
مَلِكٌ يهشُّ المارة
وسيفُهُ ينبضُ..
تحتَ أي شجرةٍ..
ماذا كتبَ القدماءُ على أسناني..
أنني مجرد هواء
وأنني شبحُ طريقٍ ميت؟
هل دقُّوا ملامحي
على فطائر الصباح؟
هل رسموا لأطفالي
أجنحةً
قبل أن يعودوا كما كانوا
قططاً سوداءَ؟
ربما كشفوني منذ البداية
لكنهم تركوا الحكايةَ
تكوي فمي..
وربما هم لؤماء في حقيقتهم
صاغوا أنفسهم صوراً
وبطاقاتٍ
تغفو تحت أيِّ شجرةٍ
تهزُّ قلباً عابراً..
بلا دَقَّةٍ ولا صَفير
حَلُمتُ بالأمس
بأننا نلتقط صورةً للروحِ
أحدث وأبهى..
من يوم خيانتها
والممرات تصحو بغير عيون
وذكرياتنا بلا دَقَّةٍ
ولا صَفير..
من يوم هروبها
و رفيقتي الشجرة
أغصانها عادت أظافر..
كأنها أختُنا
لما حانَ أوانُ سيجارتي
وضعتُها في كوبٍ مبلول
فابتسمَ دخانها الأخير.
لم يختلف الأمرُ إذن..
عندما كانت تُدفَن
في صحراء المطفأة
كان دخانها الأخير
يبتسم أيضاً..
كأنها أرواحنا العجوز
كأنها أختنا الهاربة..
عيوني تلهث
لساني أسرعُ
من غفران المسبحةِ
وموتُكِ أسرعُ
من ابتسامةٍ على
الدَرَج..
أكمامُ القِديسينَ
لم تعد جواسيسَ للنهر
حريقُ الغابةِ أسرع..
أبي المُبجَّل
لونٌ كثيف
مُعَلَّقٌ على الحائطِ
كلما فررنا
يسقينا..