قبو مصطفى ذكرى

قبو مصطفى ذكرى
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حينما تقف أمام باب شقة مصطفى ذكرى، تنسى أنك فى الطابق الرابع. قبل أن أضغط زر الجرس لمحته، مثل شبح، يقف خلف باب من السلك، يشبه بتقاطعاته سلك المصفاة، فى الداخل وعلى ضوء أباجورة صغيرة قادم من ركن بعيد، بدا أكثر وضوحاً. يرتدى "آيس كاب"، أطلق لحية خفيفة أجهزت على "الدوجلاس" الذى يميزه، وبدا زائد الوزن.

حينما تقف أمام باب شقة مصطفى ذكرى، تنسى أنك فى الطابق الرابع. قبل أن أضغط زر الجرس لمحته، مثل شبح، يقف خلف باب من السلك، يشبه بتقاطعاته سلك المصفاة، فى الداخل وعلى ضوء أباجورة صغيرة قادم من ركن بعيد، بدا أكثر وضوحاً. يرتدى “آيس كاب”، أطلق لحية خفيفة أجهزت على “الدوجلاس” الذى يميزه، وبدا زائد الوزن.

إحساس ما سيتسرب إليك بأنه يعيش أسفل الأرض، فى قبو. الشقة مرتبة ونظيفة، الأرض مغطاة بالسجاجيد، غير أن المكان مزدحم بالأثاث. لا يتخلص ذكرى من أى شىء، يقول إنه يشبه الآخرين، من الطبقة المتوسطة، الذين يحافظون على أشيائهم، حتى ولو لم يكونوا فى احتياج إليها. النوافذ موصدة بإحكام، كأن الساكن يهرب من الإضاءة. فى فيلم “جنة الشياطين” الذى كتب السيناريو الخاص به، لا يوجد سوى مشهد واحد “نهار خارجى”. الفيلم كان غارقاً فى عتمة الليل، وكآبة المشاهد الداخلية. يضحك حينما يسمع تعليقى، ويعلق بدوره “نعم. أنا أهرب من الإضاءة، أكرهها، وأعترف أن ذلك يظهر فى الكتابة”.

عينا ذكرى غائبتان دوماً خلف نظارة سميكة. عيناه تشبهان نقطتين، مثل عينى شخصية كارتونية طيّبة ومحببة. ضعف النظر مسألة فسيولوجية، ولها علاقة مباشرة بكراهية الضوء. يُفسر ضاحكاً “فى الإضاءة القوية يُصبح مرض الذبابة الطائرة قوياً. النقطتان السوداوان اللتان تظهران أمام عينيك وتدفعانك إلى طرفهما بسرعة تبدوان أكثر قوة وحدّة فى الإضاءة القوية، والعتمة تحافظ عليهما ضعيفتين”. الإضاءة الخافتة لها مصدر آخر فى الصالة. (لابتوب) يستقر على ترابيزة عالية وتنطلق منه مقطوعة لباخ. فى القبو غرفة صغيرة جداً تُمثل مركز الكون لذكرى، وتكييف ضخم يمكن أن يحيلها إلى ثلاجة سمك فى الصيف، وسرير صغير، يناسب طوله المتوسط، ومكتبة موسيقى وأفلام، وأخرى لكتب لا يقربها كثيراً. الكتب الأكثر أهمية موضوعة على حامل مستطيل بموازاة السرير، بالقرب من موضع أقدامه.

ربما يُشكّل أصحاب تلك الكتب أحلامه وكوابيسه. إنه لا يكف عن ترديد أسمائهم، والحكى عن حيواتهم الشخصية. بول أوستر، دايفد هيوم، إيريس مردوخ، التى لم يكن يعلم قبل أن يقرأ لها إن كانت ذكراً أم أنثى، إميل سيوران، هيمنجواى، دريدا، كافكا، باختين، جاك كرواك، إيكو، بوزان، بلزاك، جيمس هنرى بريستد، عبد الرحمن منيف، مليكة أوفقير، كالفينو، موراكامى، توماس مان، جونتر جراس، كونديرا، هيجل، وسلمان رشدى. ضاق حامل الكتب المهمة بها، وهكذا حمل جزءاً منها ووضعه فى رفوف تُشكل مكتبة صغيرة فى ركن بين الغرفة والصالة. هناك يقبع سلمان رشدى، فوكو، يوسا، كوتسى، وأعداد قليلة من جريدة روز اليوسف، تحوى مقالاته.

من المدهش أن أصوات الناس فى الشارع لا تصل إلى ذلك القبو. المنطقة التى يقطنها فى حلوان تمثل بروفة القيامة، السيارات تطلق الكلاكسات، ولا تدرى بالضبط هل تحمل الأشخاص أم أنهم يحملونها. باعة لكل شىء، وبلطجية، ومقاه، ومنازل متداخلة، وأنت بالكاد تجد موطئاً لأقدامك أثناء سيرك، وكل هذا ينتهى تماماً حينما تصبح داخل القبو، كأنك انتقلت من عالم إلى آخر. لا يغادر ذكرى الكسول ذلك القبو أحياناً لشهور(!). فى فترة دراسته بمعهد السينما، كان يبيت عند زملائه الطلاب المغتربين. كان شيئاً صعباً بالنسبة لروحه أن يأتى من حلوان إلى الهرم، ذهاباً وعودة، كل يوم. يقول “هذا مرتبط بطبعى. لا توجد علىّ ضغوط معينة تُجبرنى على النزول، وعموماً لو تُركت لى حرية الاختيار، سأختار العزلة”.

ربما لا يقابل ذكرى صديقاً لمدة عام أو إثنين. بعد كل تلك المدة تكفى مكالمة تليفونية طويلة لقضاء مدة أخرى من عدم التواصل مع ذلك الشخص “صداقاتى ليست قوية. بشكل أدق صِلاتى مع الجميع ليست أصيلة”. السينما أمّنت له مزيداً من العزلة. من حسن الحظ أنه كاتب سيناريو لا ممثل. إنه لا يحتاج، فى الأغلب، سوى إلى جلستين أو ثلاثة مع المخرج. يضحك معلقاً “قعدتين وشكراً”. يمكنه أن يعمل فى مكانه بعدها، رغم اعترافه بأن كاتب السيناريو لا بد أن يكون ملماً بتفاصيل العالم الذى يعمل عليه، وتفاصيل الفيلم. يسألنى “هل تعرف ماذا فعلت بى العزلة أيضاً؟”، ويجيب “جعلتنى أحب الدخول منها إلى المهنة، بمعنى أننى أحب، فى كتابتى، أن أتحدث عن العزلة”. ويضيف “بالطبع لا توجد أسباب درامية خلف العزلة، وهذا أيضاً ظهر فى كتابتى. مثلاً فى (مرآة 202) لم تكن هناك أسباب درامية تُفسر سبباً لحال البطل. ليس مطلوباً أن يكون فقد عزيزاً، أو شيئاً مُهمّاً فى حياته، ليصبح هكذا”. يصمت قبل أن يعود “لا أفتقد أى شىء وأنا هنا، وليست هناك أسباب كبيرة تُفسر حياتى هكذا”. لا تُؤمّن السينما دخلاً ثابتاً له، فطوال عشرين عاماً لم يكتب سوى ثلاثة أفلام. (عفاريت الأسفلت)، و(جنة الشياطين)، وفيلم للأطفال يحمل عنوان كتاب لنيتشة، كأنما يُقدّم تحية للكاتب الذى يحبه (إنسانى.. إنسانى جداً). يقول “أحياناً أحصل على عربون فى مشروع يتوقف، وأحياناً أحصل على جائزة مثل جائزة الدولة وساويرس، وهكذا أستطيع أن أعيش”، ويضيف “أنا زاهد جداً، بمعنى أن مصاريفى قليلة، وحركتى ليست كبيرة، ويمكننى أن أعيش بدون دخل ثابت. كان هذا يصيب بعض من أعرفهم بالدهشة، ولكنه أمر عادى بالنسبة لى”.

ينتمى ذكرى إلى برج (الجدى)، يرفض التغيير بسهولة، يكره المخاطرة. كثيرون من الكتاب سيتحدثون عن المخاطرة بالمعنى الإيجابى، ولكنه سيتحدث أكثر عن العقلانية. إنه شخص اعتيادى، لا يمكنه أن يغيّر، حتى، المكان الذى يكتب فيه، ولو أتيح له مكان على المحيط فإنه لن يكتب حرفاً حتى يعيدوه إلى قبوه. الخوف من المغامرة هو ما يؤجل مشروع الزواج دائماً “كنت أعيش علاقات قوية، ولكننى لم أتخيل أبداً أننى قادر على الالتزام بمؤسسة الزواج. ليس خوفاً من المادة، ولكن خوفاً من المسؤولية”. أسأله “وربما خوفاً على اختلال نظامك؟”، فيقول “نعم.. ربما”. ذكرى “لاسع”، بالمعنى الدارج للكلمة، يحسب كلامه فنياً، ولكن وحتى مع تحول ذلك الكلام إلى رصاص قد يصيب الآخرين فهذا أمر لا يعنيه. ربما لن يبادر هو بإبداء أرائه حول شخص ما، ولكن لو سألته فربما يجيبك “ابن كلب”. لا يضيع وقته فى قراءة أشخاص يعلم أنه لا طائل من قراءتهم، ويعترف بأنه يعيش فى برج عاجى “أحب الفكرة الكلاسيكية للمصطلح”، ويضيف “عظمة كافكا أنه قلب المصطلح، حيث افترض أن برجه قبو. قلب الموضوع ببساطة، وجعل الأمر فنياً وممتعاً”!

الأدب حينما يقترب من الواقع يكتب شهادة وفاته. هكذا يُفكر، ويضرب مثالاً مضاداً بكاوباتا “الكاتب اليابانى وراءه المأساة التى خلّفتها هيروشيما ونجازاكى، ومع ذلك تأتى الحرب كخلفية باهتة وشاحبة ومحايدة فى (ضجيج الجبل). المآسى ليس لها مكان فى الفن”. يسرد فيلم “جنة الشياطين” قصة مجموعة من الأصدقاء يطوفون بجثة أحدهم. بعد سنوات على عرض الفيلم أرسل وائل العشرى إلى ذكرى “لينك” لخبر عن حادثة وقعت فى أمريكا ،عن أشخاص حملوا جثة وطافوا بها على أصدقائهم. يُعلق “الواقع يأخذ من الفن ويقلده، وليس العكس. الواقع يشبه الجريمة. ذنبه أنه حُرق، أنه حدث فعلاً، ولكن جمال الفن أنه لم يحدث”.

“النحافة والبدانة” هو المصطلح الذى اشتقه مصطفى للتعبير عن كُتّاب كان يُحبهم وكرههم بمرور الوقت أو العكس. أسأله عن الكُتّاب الذين أصابتهم النحافة أو بتعبيره “الكُتّاب اللى خسّوا”، فيقول “كونديرا.. لأنه يسلط الضوء على كل حرف يكتبه، كل حرف يريد أن يقول إنه يمتلكه. إنه غالباً يريد أن يُظهر سمة الذكاء. هذا يصبح جذاباً فى البداية، ولكنه يدمر صاحبه فيما بعد”. أعلق “الذكاء سمة فى أعمالك”، ويرفض “ليس الذكاء، ولكن الذهنية، أو الكتابة عن المشاعر بأسلوب جاف”. النموذج النقيض لكونديرا، فى تصوره، هو دستويفسكى “أحياناً تجد فى عمل له ثلاثين صفحة قوية جداً، ومقابلها ثلاثمائة أى كلام. دستويفسكى لا توجد عنده هندسة واضحة، ويصل فى بعض المناطق إلى الترهل، ولكنك ستغفر له، وستعيد قراءته بعكس روايات كونديرا المحكمة، التى لا أرغب فى استعادتها”.

يواصل ذكرى الحديث عن الكتاب الذين تعرضوا للنحافة “بورخيس. كنت أحبه لعلاقته القوية بالزمن، ولكن القراءات العلمية كشفت لى أن هناك أموراً فى العلم أقوى بكثير مما يكتبه، ما يعنى أن الحقيقى أقوى من المتخيل”. أسأله “كنت تفعل مثله.. هل هذا يعنى أنك تُدين نفسك؟”، ويجيب ببساطة “عندى كوارث فى كتابتى. صدقنى أنا لا أحب أعمالى، ولا أستطيع الدفاع عنها. حينما أقرأ سطرين فى عمل لى أشعر أننى مراهق، ولكن على الأقل بدأت أنتبه إلى شىء مهم. أن أكتب عن الزمن بطريقة لا تجعل أحداً يقارنه بأمور علمية”.

النموذج الثالث هو إبراهيم أصلان “إحساس الكوميديا أصبح مزعجاً فى كتبه الأخيرة. كان يخلق كوميديا خاصة، ولكن ها هى القطعة تتحول إلى نكتة أو إفيه فى (حكايات من فضل الله عثمان). هذا مزعج جداً”. الرابع هو نجيب محفوظ “كرهت تغطيته لأحداث حقيقية، مثل تفصيله رواية (اللص والكلاب) على حادثة، أو تغطيته لفترات اجتماعية معينة مثلما حدث فى (ثرثرة فوق النيل). إنه أيضاً مزعج”، وأخيراً يتحدث عن إدوارد الخراط “اكتشفت أن ميخائيل، بطل (الزمن الآخر) و(رامة والتنين) و(يقين العطش) ليس له وصف فيزيائى، مع أن الأعمال قائمة على فكرة لحظات الحب. إدوارد وصف البطلة ولم يقل شيئاً عن ميخائيل. لم يقل لنا لماذا تحبه؟.. وهكذا ستكتشف أن فكرة الأعمال بتلاتة تعريفة. أن المرأة تحب الرجل من أجل عقله، وهذا من أسوأ ما يمكن، لأنك تصطدم بتقليدية الكاتب المرعبة. إنه لا يريدك أن تكره البطل، كأنه يكتب روايات للمراهقين، ولن تغفر له اللغة، ولا أى شىء آخر”. ألا يقيم ذكرى وزناً للإنسانيات وهو يقول رأيه، مثلما يفعل كثيرون وإن لم يعترفوا بذلك؟ يجيب “الكلام ليست له علاقة بالإنسانيات. الصراحة فى الرأى شىء جيد، والحسابات لا تحكمنى”.

يتحدث مصطفى عن النماذج الأخرى، النحفاء الذين أصبحوا بدناء، وكما توقعت لم يكن من بينهم مصريون. يقول ضاحكاً “كافكا رغم أنه كان يعانى فعلاً من النحافة”، ويضيف “جويس”. يتحدث مصطفى عن الطريقة التى كان يضحك بها الناس فى بدايات القرن، مثلما كان يفعل محمد عبدالوهاب وآخرون فى أفلام “الأبيض والأسود”، (ها ها ها ها)، ويقول “لم يكن مطلوباً من هؤلاء أن يعُبّروا عن ضحكهم بطريقة أخرى”. يقصد أن هذا كان يتماشى مع العصر، ولكن جويس كان يمتلك إمكانيات مذهلة فى السخرية، كمثال، تتجاوز عصره. يسرد مصطفى مشهداً من (عوليس) للتدليل على قوة السخرية. كان البطل بلوم يجلس فى مقدمة السيارة مع صديقه، الذى كان يتولى قيادتها، وفى الخلف تجلس زوجته، التى يعلم أنها تخونه، ومع هذا يحبها، مولى، وصديقها، فى مساحة ضيقة، تسمح باحتكاكهما كما يريدان. صديق بلوم، الذى يعلم شخصية المرأة جيداً كان يتحدث بينما يقود السيارة، فى محاولة ربما لرفع الحرج عن صديقه فاقد الحيلة والمتعالم، عن السماء وحركة النجوم، وفجأة سألت المرأة أى سؤال “وما هذا النجم البعيد يا بلوم؟!”، ورد صديق بلوم “تستطيعين أن تقولى إنه مسمار الفلك”. يضحك ذكرى.

يقول مصطفى، ليس من قبيل السخرية، إن قرّاءه لا يتجاوزون الثمانية. أشار إلى ركن بالمكتبة يضم نسخاً من كتابه الأخير الصادر منذ شهور (على أطراف الأصابع) قائلاً “انظر. هناك عشر نسخ من خمس عشرة حصلت عليها. أنا، حتى، لم أرهق نفسى بتوزيعها على الأصدقاء”. كلما قلّ عدد القراء، يقول، كلما ارتاح الكاتب أكثر، ويعلق “لأن المسؤولية تقل”، ويستدرك “أنا زاهد عن محاولة الانتشار، ولكن سأعترف أنه لم تُعرض علىّ فرصة أن أكون علاء الأسوانى ورفضت”. أسأله “ألم يراودك هاجس تغيير الكتابة حتى تصل إلى قراء أكثر”، ويرد “أبداً ولن أفعل”، ويضيف “رغم أنه يبدو حكماً (دوجما) إلا أننى متأكد من أنه كلما اتسعت شعبية الكاتب قلت فنيته، والأمثلة كثيرة، تولستوى، محفوظ، وستيفن كينج. إن قراءهم بالملايين، ولكن تعال إلى بروست وجويس وكافكا.. ستجد الأمور مختلفة تماماً”.

من الأراء الصادمة لذكرى رأيه فيما يخص الرقابة “الرقابة ليست مزعجة بالحدود الموجودة عندنا”، ويفسر “الحدود التى أقصدها خاصة بمشهد الحب. أليس كذلك؟.. ولكن الفن يأتى قبل وبعد ذلك المشهد، فمن الصعب فنياً أن تخرج منه بشىء، وإلا لما كان البورنو ساقطاً فنياً. ذلك المشهد خُلق ليتم تجاوزه، ومن تورطوا فيه سقطوا وكتبوا بورنوجرافيك مثلما فعل كونديرا فى (الضحك والنسيان)، وهنرى ميللر فى عدد من أعماله”.

زامل مصطفى التوءم الشهير حسام وإبراهيم حسن فى المدرسة، وشقيقهما الذى يكبرهم جميعاً بعام خالد. كانوا يهربون من المدرسة، ولا يعودون إليها، لأكثر من شهر، ويتقابلون فى المقاهى. كان هو وآخرون يدخنون السجائر، بينما يكتفى التوءم بشرب “حلبة بالحليب”. يضحك “كانوا يفصلوننا من المدرسة، وكنا نعيد القيد مقابل عشرة جنيهات”. فى تلك الفترة كان يلعب الكرة، ولكن علاقته انقطعت بها تماماً. الهواية الوحيدة التى استمرت معه فترة كانت السباحة. كان يذهب إلى حمامات الكبرتاج، مرة أسبوعياً، لأنه لم يكن يستطيع تدبير مال ليذهب أكثر من مرة، وهكذا فكر فى أن يعرض خدماته كمدرب، حتى يستطيع ممارسة هواياته. لا يخاف ذكرى من الموت، ولكن من الألم الذى قد يصاحبه “لو جاء صاعقاً ومفاجئاً فلا مشكلة”، ويخشى الأمراض جداً “ومع ذلك لا أحتاط”، ولديه هاجس النظافة “يمكننى أن أنظف المطفأة بعد انتهائى من كل سيجارة”، وفوبيا الأماكن المرتفعة “لا يمكن أن أتخيل أبداً أن أسكن مثلك فى الطابق الحادى والعشرين”، ينهض أيضاً كل فترة ليتأكد من إغلاق كل شىء بإحكام، الباب، ومحبس الغاز، والأجهزة الكهربية “ولكن ليس من قبيل الوساوس، ولكنه أمر يشبه الطقس”. الكتابة بالنسبة إليه، رغم أنها أصبحت نمط حياة، لا تزال هواية “لا أستمتع بها إلا لدقائق قليلة. أستمتع وأنا أكتب، حينما أجد تعبيراً جديداً، أو صياغة مختلفة”، وأخيراً يحلم بالسفر “لكننى أستمتع أكثر بأن أكون شخصاً كسولاً”!

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم