أمنية أخيرة

أمنية أخيرة
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فكرى عمر

كانت الأسماك تقترب من سطح الماء وكأنها تنادينا، قلت لصاحبىَّ: لو معنا سنانير أو حتى شَبَكة صغيرة، فقال أحدهما: ولِمَ السنانير؟ تعالوا ننزل بأنفسنا، نزلنا، فقد أدركت وقتها أنى أحلم، وأنى سأفوز بمغامرة هائلة دون أن يحدث لى مكروه، هبطنا إلى القاع بملابسنا العادية وتحول الهدف من صيد السمك الصغير إلى الفرجة على أعاجيب القاع، تنفست بارتياح رغم إحساسى بالماء وثقله، ورغم أنى لا أجيد السباحة ولا الغوص فى الواقع فقد أجدتهما هنا، تذكرت: "إنى أغرق تحت الماء، إنى أغرق أغرق أغرق" لعبد الحليم حافظ، وتبادلنا الضحك.

كان الضوء قليلًا لكننا رأينا بوضوح تماثيل آلهة فرعونية وإغريقية فى القاع، إننا الآن فى شط إسكندرية بعد أن كان منظر الماء فى الخارج يشى بترعة ضيقة، والقاع هو قاع البحر الأحمر بمتحجرات مرجانية عجيبة، هو الحُلم وهذا سحره المُبتغى.

وقف صديقىَّ بجوار تمثال فينوس الغارق وطلبا منى التقاط صورة لهما، بحثت فى جيبى عن كاميرا أو حتى تليفونى المحمول فتذكرت أنى تركته على الشاطئ، وأن وسائل الاتصال بالخارج قد انقطعت، وأن العودة هى الملاذ الوحيد لأنى بدأت أشعر بالاختناق..

ضغطت قدمى لأسفل لتدفعنى فى الاتجاه المعاكس إلى أعلى الماء فلو اختنقت فى الحلم سأختنق وأموت فى الواقع حسب ما أعرف، كنت ألوم نفسى على انخداعى بسهولة، وتورطى وراء أى مغامرة دون حسابات وخصوصًا لما بدأت الأسماك المُفْترسة تَهِلُ من كل مكان وتسعى وراءنا، لكن هل كان ذلك سوى حُلم؟!

حُلم أحاول أن أنهيه بأى حركة مفاجئة كأن أخبط رأسى فى دولاب السرير حتى؛ ليدفعنى الوجع للصحو المفاجئ، ومن ثم الخروج بأقل الخسائر النفسية، لكن من أين يأتى الوعى فى هذا العالم الذى أغرانى بنعومته الثرية، ثم التقفنى فى فمه كما يلتقف فكا ثعبان جائع ضفدعًا حائرًا؟

أخذت أصارع بكل حواسى فى الاتجاهات الأربع للقفز إلى الشاطئ: أمنيتى الأخيرة بعد أن تعذر الصحو، بأى وسيلة، من النوم…

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم