عن القصة:
تدور أحداث القصة التي كتبها “نفتالي” إبان دراسته الثانوية، وتسرد جانبا من سيرته الذاتية، حول شاب إسرائيلي يهودي من أصل شرقي يتذكر وقت دراسته في المرحلة الثانوية، وكيف كانت حياته ما بين الفقر المدقع الذي يعيش فيه، وسوء أوضاع منظومة التعليم العام في إسرائيل، وكونه يهودياً من أصل شرقي (سفاردي)، من أصل عربي تحديداً، ونتيجة لكل هذه الأسباب يصاب بطل القصة بالإحباط الشديد والإحساس بالاغتراب.
بطل القصة – كما روى – كان شاباً إسرائيلياً فقيراً، يعمل أبوه في معمل ألبان بسيط، يكسب القليل جداً، وهو ما لا يكفي المتطلبات المعيشية للأسرة، فتضطر الأم للعمل كخادمة، وعملها هذا هو الذي يتكفل للأسرة بمعظم متطلباتها، حيث تكسب مالاً أكثر من الأب، وهذه أولى المشكلات التي عانى منها البطل، والتي يضطر بسببها إلى الالتحاق بمدرسة عامة، وليست مدرسة خاصة راقية، ويشعر ببعض الخزي والعار من التصريح بأنه فقير، ويرضى لنفسه بأن يعرفه المسئولون في المدرسة على أنه مشاغب.
يضطر لطلب تخفيض المصروفات الدراسية، لكن طلبه قوبل بالرفض، بأسلوب حازم قاطع، مما يجعله يقنط على القائمين على المنظومة التعليمية.
سلطت القصة الضوء على المؤسسة التعليمية العامة في إسرائيل، وما تعانيه من ترهل وقمع للتلاميذ، فالمناهج التعليمية بائسة لا قيمة لها، ولا تفيد الطالب في الواقع العملي، والمسئولون الإداريون ومعهم بعض المدرسين قساة صارمون، يتعاملون مع الطلاب بشدة بالغة، ويستخدمون معهم أساليب قمعية، ناهيك عن التفرقة بين كل طالب وآخر وفقاً للشكل الخارجي والملامح، وليس تبعاً لقدرات العلمية والفكرية.
ربما المشكلة الأكبر التي واجهت البطل، وجرت خلفها المشاكل الأخرى، هي كونه سفاردياً، هذا ما جعل والديه يعملان في مهن بسيطة لا توفر ما يعول الأسرة، وكونه سفاردياً جعله يضطر للدراسة في مدرسة عامة سيئة الإدارة، وكونه سفاردياً جعله في وضع اشتباه دائم من قِبَل حارس المدرسة، وكونه سفاردياً جعله مثار سخرية المدرسين وعدم قناعتهم بقدراته الفكرية أو بمواهبه الفنية. والأكثر من ذلك أنه من أصل عربي.
ترجمة القصة
المطرود ال 416
أو
فأر تجربة في متاهات تكامل إلهية
اختبار البجروت[i] الأخير، من الغريب استخدام مصطلح اختبار لورقة أسئلة حقيرة عن حياة ساسة وحروب أو صيغ حسابية لحل مشاكل لم أصطدم بها من قبل في حياة الخريجين. التناخ[ii] هو المادة الأخيرة التي أُمتحن فيها.
يبدو لي أن سيدنا موسى لو بُعث حياً وقرأ نسخة الامتحان لمات في الحال أو على الأقل يكسر الألواح مجدداً، هذا الامتحان ينتهي ومعه كابوس متواصل لمدة ست سنوات بائسة، مهينة، مرفوضة ومنفرة، وعدة صفات مزهرة عن جهاز القمع والتسلط المعروف بمنظومة تعليم عام، أُسلم كراسة الامتحان، أبتسم للجدة التي تراقب علينا، وهي تبدو لي النموذج الأكثر تلقائية الذي قابلته هنا منذ أن وصلت إلى هنا بالصف السابع، تتمنى لي التوفيق.لكن بالتأكيد من القلب، وليس مثل كلمة: “بالتوفيـق” المكتوبة بشكل آلي في نهاية سؤال كل امتحان، هي متأثرة بشاب صغير واقف أمامها، بحسن نية أنني سأنجح،أنا حفيدها مجازاً، لم تكن لي جدة على الإطلاق، تشجعني ابتسامتها، أخرج من الفصل، أسير بسرعة أكبر من الضوء، أمُرُ على المعامل (التي كما يبدو أنني كنت فأر تجارب بها) أخرج من الرواق إلى الفناء، شمس يونيو قوية تضرب وتلطف، إذ بصيحة مدوية، صرخة مجنونة تخرج من الحنجرة المبحوحة، حيوان مجروح، فأر مجروح.
أبي يعمل في معمل ألبان مجهول، يربح الحد الأدنى من الأجر، أمي خادمة،تقوم بالحد الأقصى وبسبب ذلك عوقبتُ، “نعتذر، من لايسدد مصروفات المدرسة بالكامل وفي الوقت المحدد لن يأخذ شهادة” على الرف يوجد لدي فقط شهادة البجروت، أنا أحتاج لتخفيض المصروفات، يجب أن أصل لـ”أوري أورن”، عضو الإدارة، مستشار الانضباط، وكيل الوقت المناسب – شبيه بدكتور “منجل”[iii] في صورة مصغرة – بالمدرسة، من يتأخر عن الصلاة أو “يتطاول” (أي يقول ما يشعر به أويفكر بصوت عال…) يجد نفسه جالساً منتظراً في رهبة عند مدخل مكتبه، كل مدرس يمر يتطلع إليه، يحسبون أنك فعلت شيئاً غير مناسب، شاغبت تحدثت أو لا سمح الله، خرقت تابو، أي شاغبت، تشرح لهم أنني أحتاج تخفيضاً لأنني فقير، حقيقة من الأفضل أن يعتقدوا أني مشاغب، أنتظر وأتطلع لتمثال خريجي مدرسة زيتلين المدنية الدينية ب ج[iv]، الذين فضلوا الموت من أجل الوطن، ووهبوا أنفسهم من أجل المدرسة، ووفروا لنا بموتهم الحياة.وكيف تتجرأ أنت على تأخير الصلاة أو التطاول، وكيف تكذب وتدعي أنك صلّيت إذا كنتُ أنا لا أرى عليك علامات تفيلين[v] على الزراع، “أوري أورن” أشيب، يتطلع إليَ بصوت هادئ وعصبي، يخترق جسدي، إحساس الذنب هو براءة اختراع على اسمه، أطلب بشجاعة ورعشة أمام سيد المدرسة أن يسمح لي بتخفيض المصروفات، أقدم شهادات أجر أبي، خبز المسكين، علامات العار، “ما من عمل يخزي أصحابه، اسلخ الجلد (استغِل) في السوق ولا تضطر للخلق” وما العمل إذا كان الجلد لا يمكن أن أسدده وآخذ شهادة.
“كيف لك لا تخاف أن تكذبَ وتدعي أنك صلّيت؟ ألا تخشى القدوس تبارك هو؟” أنا لم أعد أؤمن بالله، وقد غفر لي الله لأنني لا أؤمن به، فهو يعرفني، كيف يمكن أن أؤمن بإله صلاة ساعة الصفر، بدرس تلمود[vi] ممل من الساعة 2 إلى 4، حتى الإله يذهب للنوم، كيف أؤمن بإله فحص الصيصيت[vii]، الذي يسأل إن كنت أعددت شاياً يوم السبت من إناء ثان أو ثالث، أو إن كان الزي الموحد العفن بلون سماوي مختلط (من الصوف والكتان)[viii] أنا أؤمن بإله أبي وأمي فهو أكثر مرونة وهدوءاً، أكثر تفهُما، إله هادئ ورقيق، يحتضن ويداعب، يعطي الطحين الذي سيكون جيداً، إله مثل بركة الجدة من الامتحان، كيف يمكن القول، إله أكثر إنسانية.
أدرُسُ أدب مع المُدرسة “راحيل موريا”، سيدة سمينة، شقراء شعرها مربوط، تنظر عيناها بِرقة، تبدو جذابة ولطيفة، تُدرِس الأغاني الشعبية، “إدوارد إدوارد” الذي مات، قُتل، دمٌ وخمرٌ ولحمٌ وباقي عفونة من بلاد أيرلندا واسكتلندا البعيدة. أستمعُ، في صمت، في توتر، “مهلة حتى الأسبوع القادم لتقديم تحليل القصائد والأغاني الشعبية” أصل إلى البيت، أجلس في نشاط وأكتب، وأعيد الكتابة، وأضيف وأفكر، تُسحِرُني الأغاني الشعبية،بعض كتابتي وفقاً لأوزان الأغاني الشعبية، بعد أسبوع أعادت المُدَرِسة الأعمال، كُلِّي ترقب وتوتر، تُقدِم لي كراستي الحمراء، أفتح وأتطلع، ملاحظة: “أنا لا أعتقد أنك من كتبت هذا التقرير” بُهِتُّ، ارتباك، غضب، سخط، خيبة أمل، خزي، اقتربت منها، “لكن لماذا تعتقدين أنني لم أقم بهذا العمل”، تتطلع لي بنظرة نصف غاضبة ونصف مُختبِرة، لا تجيب، العمل أكثر من جيد بالنسبة لما أبدو عليه، هكذا قالوا لي مرحباً بكم في المدرسة، سلام أيها الفصل السابع.
“يتسحاق رابين” يطرد 415 فلسطينياً حمساوياً إلى جنوب لبنان[ix]،”من أنت؟! أرني بطاقة الهوية” حارس المدرسة يعتقد أنني مخرب، وجه أسمر، شعر لحية خشن غير حليق، قبعة صوف زرقاء باهتة على الرأس، عينان حزينتان، بل يائستان ربما بسبب هذا أنا مشتبهٌ به، أستلُ البطاقة الزرقاء،التي تُعَرِفُني حقاً هكذا، ابن دين موسى، فقط أنا “سفاردي”، كيف يقولونها: “ابن طوائف شرقية”، ببساطة “شرقي”، بل أنا قبل كل هذا عربي، عربي يهودي، أنا متنكر في شخصية أخرى، أنا هو الشخصية المُخربة. عيد بوريم[x]، التنكر فريضة كبرى، إذن أنا متنكر: أرتدي قبعة الصوف الزرقاء، وعلى الرقبة لافتة (أنا أعتقد أنني رأيت صورة مشابهة في كتاب التاريخ) ومكتوب فيها: “الطريد ال 416”.
نحن الشامنيستيم[xi] نقدم عرضاً مسرحياً، أنا أقلد مستر “ليتسكي”، هلع شديد، “شلومو نرفونا” يقلد مُدرس الفيزياء “ميخا مي روس”، الذي يعارض التمثيل بشدة، ويرى أنه خزي وعار. يُدخِل “نرفونا” بالونات صغيرة منفوخة لنصفها داخل البنطلون كي تكبر مؤخرته، كلهم يضحكون، حتى السيد “ليتسكي” يزعم أنني موهوب، مُدرسة التناخ لا تصدق أنني لست ممثلاً سيئاً، بلهجة مهذبة: “هو طوال حياته، يعمل مسرح ألا تعرفين؟!” بعض أصدقائي يحتجون عليها. أنا طوال الوقت متنكر في شخصية أخرى تماما، “أنت تلميذ هادئ جداً، تجلس في الزاوية وتتحدث قليلاً” تتفاجأ من الاكتشاف، ليست قادرة على أن تفهم أنني أستطيع أن أكون أشياء كثيرة، وليس مجرد تلميذ خجول، أعرف أنها ليست مجرد مُدرسة، هي أم، زوجة، بل حتى عندها هوس، و اللهم احفظنا هي حتى تذهب لدورة المياه، والأكثر من هذا أنها تمارس…الجنس، هذا يفزع بشدة، يثير القشعريرة. (هي تضرط أيضاً) كم صعب عليها أن تدرك أنني إنسان.
دخل “تسيبي شاين” الفصل، صمتٌ تام، يضع حقيبته الجلد البنية على المنضدة، يستهل بلغة إنجليزية فصيحة ويشرح ما يجب إعداده في درسه، “شاين” هو المؤمن الأكبر بالنظام الإلهي والبيروقراطية، مُقدس مقدس مقدس إله الإنجليزية الذي يملأ المدرسة ببهائه، كراسة تعبير، كراسة فصل، كراسة واجب، أدب إنجليزي. صحيفة، فهم المقروء، تعبير، قواعد ولغة، كل درس اختبار لأحد التلاميذ على السبورة، عندما لا يعرف التلميذ، يُوَبّخ، ملاحظة ساخرة. تقييم دقيق في المذكرة الخاصة، “شاين” لا يكتف بتصديق الآباء على الغياب، أنت ملزم أن تأخذ توقيع المعلم، وتأتي بإذن طبي حتى تاريخه، “شلومو نرفونا” يقدم من أجل التهرب مجموعة كاملة من شهادات طبية مختومة، أنا أتهرب من درس هذا السادي، “شاين” ينظر للإذن، ويكتب في مفكرته أن غيابي مقبول، كنت مريضاً. أبتسم، بعد ذلك يسألني إذا أعددت الواجبات المنزلية، أجيب بالنفي، يكتب في مفكرته، يدعوني للامتحان على السبورة، لا أعرف الإجابات. يوبخني، أتعلثم بالإنجليزية وهو يضحك ويسخر، صعبٌ عليَّ أن أنطق كلمة محددة، وهو يقول بالعبرية: “أنا مدرك أن هذا بسبب المسافة بين أسنانك” أجلس خجِلاً، وهو يكرر الامتحانات، أفشل مجدداً، ذاكرت كالمجنون كثيراً جداً، أختي نائمة في الغرفة، في الصالون يشاهدون التلفاز، ولم يبق لي مكان أذاكر فيه من أجل الامتحان، باستثناء دورة المياه. حبست نفسي في راحة حيث لا راحة على الإطلاق وذاكرت “أرثر ميلر” واحتجاجه على الرأسمالية الأمريكية بالبحث عن الأصالة. والسيد “كيلر” ((killer الذي يجسد كل درس عن طريق “شاين” يعتذر ويدرك أنهم جميعاً كانوا أبناءه، تلاميذه، أعزاءه. امتحان بجروت شفوي، أنجح، أعبر. “شاين” يتطلع لي وبطريقته الساخرة والعامرة بالغمزات يبتسم:”جيد، أنت ممثل”.
مرت سنوات منذ أن أنهيت دراستي وفقاً لقانون تعليم إلزامي مجاني (وبرأسي اختصار ح ح ح {قانون التعليم الإجباري})مكتوبة في صحيفة عن المدرسة، تخرج الحقيقة للنور، لا توجد مادة مُطهرة أفضل من ضوء الشمس، في المساء، أرقد بحجرة صغيرة في شقة متواضعة، وحيداً، الذل يطرق الباب ليستدعي الرفض، القمع والاغتراب يدخلان زحفًا من النافذة، يغمران الظلمة فوق الحائط، أنا غريب عن نفسي.
[i] – البجروت: يقابل شهادة الثانوية العامة، تغطي دراسته تخصصات أكاديمية مختلفة، والتي تدرس في خمس وحدات متدرجة في نطاق صعوبة تصاعدي من 1 إلى 5. يحصل على شهادة البجروت الكاملة أي طالب يحصل على علامة نجاح في جميع المواد الإجبارية (اللغة العبرية، اللغة الإنجليزية، الرياضيات، العهد القديم {كتاب اليهود المقدس} ، التاريخ، دراسات الدولة والأدب).
[ii] – التناخ: هو العهد القديم، أي كتاب اليهود المقدس الذي يتكون من مجموعة أسفار التوراة، والأنبياء، والمكتوبات.
[iii] – جوزيف منجل، لُقِب بملاك الموت، وكان طبيبا ألمانيا، يدير أكبر مركز للاختبارات البيولوجية في معسكر أوشفيتز في بولندا إبان فترة النازي. وتسبب بوفاة آلاف الأسرى على طاولة البحث، حيث أجرى تجارب طبية فظيعة على توائم، وحين تم تحرير المعسكر على يد القوات الروسية (في أوائل 1945) لم يبق من هؤلاء الأطفال غير 157 جميعهم فقدوا نصفهم المماثل، كان منجل يجري فحوصات وقياسات دقيقة، وحين تنتهي هذه الإجراءات تبدأ مختلف التجارب الفظيعة على التوأمين (وكثيرا ما يؤخر الثاني بغرض المقارنة)، وكان من ضمن التجارب سحب الدم بالتدريج (لمعرفة حد الوفاة) وحقن الجراثيم، وإرهاق الكلى، وخلق الخلايا السرطانية، وحقن القلب بالكلوروفورم، والتشريح بدون تخدير، وإزالة قسم من الكبد والطحال، ونقل الدم والأعضاء بطريقة مباشرة .
[iv] – مدرسة زيتلين المدنية الدينية: مدرسة ثانوية حكومية دينية مختلطة، سُميت على اسم “هليل زيتلين” (1871- 1942) أحد مفكري اليهود، والذي وُلد في إحدى بلدات روسيا البيضاء، قُتِل على يد قوات النازي. تقع المدرسة في شارع بنفس الاسم في قلب تل أبيب.
[v] – التفيلين (تميمـة الصـلاة): عبارة عن صندوقين صغيرين من الجلد يحتويان على فقرات من التوراة، ويُثبَّت الصندوقان بسيور من الجلد، يثبتها اليهودي البالغ حسب الترتيب التالي: يضع الصندوق الأول على ذراعه اليسرى ويثبته بسير من جلد يُلَف على الذراع ثم على الساعد سبع لفات ثم على اليد، ويُثبَّت الصندوق الثاني بين العينين على الجبهة بسير أيضاً كعصابة حول الرأس، ثم يعود ويتم لف السير الأول ثلاث لفات على إصبع اليد اليسرى، ويُزال بعد الصلاة بالنظام الذي وُضع به. ويرتدي اليهودي تمائم الصلاة بعد ارتدائه شال الصلاة (الطليت). وتُرتَدى التفلين أثناء صلاة الصباح خلال أيام الأسبوع، ولا تُرتَدى في أيام السبت والأعياد.
[vi] – التلمود: كلمة عبرية تعني الدراسة، وهو كتاب تعليم الديانة اليهودية، ويحوي تدوينا لنقاشات حاخامات اليهود حول الشريعة اليهودية، وقصص من التراث اليهودي، ويعتبر المصدر الأساسي لتشريع الحاخامات، يتكون من عنصرين، المشنا، وهي أقوال وتعاليم الحاخامات التي كانت تتناقل شفوي، والجمارا، وهو شروح للمشنا، أصبح التلمود المصدر الرئيسي للتشريع الديني في اليهودية، وأفتى حاخامات اليهود الربانيين أن من لا يؤمن بالتلمود فقد خرج عن اليهودية.
والتلمود نوعان: التلمود الأورشليمي، نسبة إلى أورشليم (القدس)، ودونه حاخامات اليهود إبان السبي البابلي في الفترة من (319- 359 ق.م)، وهو لم يغط سوى ثلثي المشنا. والتلمود البابلي دونه حاخامات اليهود الذين عاشوا في بلاد الرافدين في الفترة من (319- 500 ق. م)، لكنهم دونوا المشنا كاملة، لذلك فالتلمود البابلي أكثر اكتمالا من نظيره الأورشليمي.
[vii] – الصيصيت (الأهداب): يُشـار إليها بالتعبـير العـبري «الأركـان الأربعة». وهي الأهداب المتصلة بشال الصلاة الواجب ارتدائه على كل يهودي بالغ وهو يصلي، وقد ورد في العهد القديم أن الإله أمر بني إسرائيل بارتداء الشال (الطليت) وفيه الأهداب، ولا يوجد في العهد القديم أي تفسير للون الأزرق، كما نشأت معركة بين الحاخامات حول درجة الزرقة المطلوبة. ولما لم تُحسَم المسألة، تُركَت الأهداب بيضاء. ومنذ القرن الثاني الميلادي، أصبح هذا رأي معظم الحاخامات، ومع القرن الثامن تَقبَّله كل اليهود.
[viii] – إشارة إلى شال الصلاة في اليودية، وهو مستطيل الشكل، والضلعان الأصغران له محلَّيان بالأهداب، ويلفه اليهودي على كتفيه أثناء الصلاة. وكانت الأهداب زرقاء في العادة، ولكن خلافاً نشأ بين الحاخامات بشأن اللون الأزرق ودرجة الزرقة، فتقرَّر أن يكون اللون أبيضا. ومع هذا، هناك دائماً خطوط زرقاء أو سوداء في أطراف الشال (والأبيض والأزرق هما لونا عَلَم إسرائيل). ويكون هذا الشال عادةً من الصوف أو الكتان. ويرتدي الذكور الشال أثناء صلاة الصبح، وفي كل الصلوات الإضافية، إلا في التاسع من آب حيث يرتدونه أثناء صلاة الظهيرة أيضاً. كما يرتدونه في كل صلوات عيد يوم الغفران، وخصوصاً في دعاء كل النذور، ليُذكِّرهـم ذلك بأوامر ونواهـي العهـد القديم. ويباح للصبية ارتداؤه بشروط معيَّنة. ويرتدي العريس الشال في حفل زفافه، كما يُكفَّن به أيضاً عند مماته بعد نزع الأهداب منه.
[ix] – القضية المعروفة بـ”مُبعدي مرج الزهور”، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء السابق “يتسحاق رابين” في 17 ديسمبر 1992إبعاد 415 فلسطينيا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إلى منطقة مرج الزهور جنوبي لبنان، على خلفية اختطاف جندي إسرائيلي وقتله للمطالبة بإطلاق سراح الشيخ “أحمد ياسين”، وكان على رأس المُبعدين آنذاك “عبد العزيز الرنتيسي”، وظل المبعدون على هذه الحال، حتى أعيد آخرهم في 17 ديسمبر 1993.
[x] – عيد البوريم: المعروف أيضا بـ «عيد الشجرة» أو «عيد المساخر»، والسبب في ذلك ما تجري فيه من تقاليد يهودية شعبية تتضمن إسراف في شرب الخمور، والسُكر، وارتداء الأقنعة التنكرية، و يُحتفَل به في الرابع عشر من شهر آدار من السنة اليهودية، وهذا العيد لا يمت بصلة إلى موسى عليه السلام أو شريعته، ويوم الرابع عشر من آدار هو اليوم الذي أنقذت فيه “إستير” يهود فارس من المؤامرة التي دبرها هامان لذبحهم (انظر: سفر استير بالعهد القديم)، ولهذا ففي اليوم الذي يسبق العيد يصوم اليهود ما يُسمَّى «صوم إستير»، إحياءً لذكرى الصوم الذي صامته إستير وكل اليهود في “شوشانه” قبل ذهابها إلى الملك تستعطفه لإلغاء قرارات هامان (حسب رواية العهد القديم). وكان قد تقرَّر بالقرعة أن يكون يوم الذبح في الثالث عشر من آدار ـ ومن هنا التسمية، أما يوم الخامس عشر من آدار فهو اليوم الصاخب، الذي يسمونه :”بوريم شوشان” نسبة لمدينة “شوشان الإيرانية”ويحتفل اليهود بهذا العيد بأن يقرأ أحدهم سفر “إستير” ليلة العيد وفي يوم العـيد نفسه. ويتعيَّن على الجمـيع، وضمن ذلك النسـاء والأطفال، أن ينصتوا إلى القارئ، ومن العادات الأخرى، تناول فطيرة خاصة يدعونها «أذن هامان»، وكذلك يحتفلون بالعيد بارتداء الأقنعة.
[xi] – الشامينيستيم: نسبة إلى طلبة الثانوية العامة في السنة الأخيرة، الذين انتهوا من الصف السابع، وسيخدمون في الجيش إجباريا بعد تخرجهم من البجروت (الثانوية)، والمسمى معروف تاريخيا نسبة إلى مجموعة من الطلبة في إسرائيل الذين كتبوا خطابا في 24 أبريل عام 1970 موجها إلى رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك “جودا مائير”، وفي الخطاب أعلن مجموعة الطلاب عن احتجاجهم على سياسة الحكومة الإسرائيلية، واستمرار حرب الاستنزاف، وعدم اتخاذ إسرائيل خطوات عملية حقيقية نحو السلام وإنهاء الحرب الدائرة مع الفلسطينيين والعرب، وتحول خطاب “الشامينيستيم” إلى حركة معروفة في أوساط الطلاب والشباب الإسرائيلي، وتحولت إلى توجه سياسي يهدف لمعارضة سياسات الحكومات الإسرائيلية الرافضة للسلام، وبناء عليه تعالت الدعوات لرفض تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف الجيش الإسرائيلي، طالما أن الحكومة لا تعبأ بأبنائها وتلقي بهم في غياهب حروب لا تنهي مع الأطراف العربية المحيطة، وسمي الشباب الرافضون لتأدية الخدمة العسكرية بـ”هاسرفانيم” أي الرافضون، نسبة إلى مسمى توجههم “هاسرفانوت” (الرفض)، أي رفض تأدية الخدمة العسكرية.