الإثنين أو الثلاثاء

فرجينيا وولف
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فرجينيا وولف

ترجمة: ممدوح رزق

بكسلٍ ودون اكتراث؛ ينفض المدى عن جناحيه في يُسرٍ، مدركًا مساره، يمر مالك الحزين أعلى الكنيسة، تحت السماء؛ بيضاء وبعيدة، مستغرقة في ذاتها. تحجب وتكشف بلا حد، تتأرجح وتستقر. بحيرة؟ لتُمح شواطئها! جبل؟ آه، يا لمهابته، تغمر الشمس منحدراته. إلى الأسفل. سرخس[1]، أو ريش أببض، إلى الأبد.

ترغب في الحقيقة، تنتظرها، تستخلص بعض الكلمات في عناء، ترغب إلى الأبد… (صرخة تنبعث من اليسار، وأخرى من اليمين. عجلات تنطلق متفرقة، حافلات تحتشد في صراع) … ترغب إلى الأبد… (الساعة تؤكد باثنتي عشرة دقة متمهلة أنه منتصف النهار؛ الضوء يبعثر قشورًا ذهبية؛ الأطفال يزدحمون) … ترغب إلى الأبد في الحقيقة. قبة حمراء؛ عملات معدنية تتدلى من الأشجار؛ مزق دخانية تتصاعد من المداخن؛ نباح، صراخ، صياح “حديد للبيع”… والحقيقة؟

تشع أقدام الرجال وأقدام النساء. مزينة بالأسود أو الذهبي (هذا الطقس الضبابي… لذيذ؟ لا، شكرًا… أمة المستقبل) تومض نار المدفأة، تلوّن الغرفة بالأحمر، باستثناء الكائنات السوداء، ونظراتها اللامعة، بينما في الخارج تفرغ شاحنة حمولتها، الآنسة فلانة تشرب الشاي في مكتبها، والواجهات الزجاجية تحفظ معاطف الفرو.

متباهيًا، خفيفًا كورقة شجر، ينحرف عند الزوايا، مندفعًا عبر العجلات، مطليًا بالفضة، في البيت أو خارجه، مجمعًا، مبعثرًا، مُهدَرًا في مقاييس متباينة، يجتاح لأعلى، لأسفل، مقطّعًا، غارقًا، متكوّمًا… والحقيقة؟

الآن، أستعيد الذكريات بجانب المدفأة على المربع الرخامي الأبيض. من أعماق عاجية تطفو الكلمات وتنثر سوادها.، تتفتح وتتغلغل. يسقط الكتاب؛ في النار، في الدخان، في الشرر اللحظي، أو أنه يرتحل الآن، المربع الرخامي يتدلى، المآذن في الأسفل والبحار الهندية، بينما يرتفع أزرق الفضاء وتتلألأ النجوم. هل هي الحقيقة؟ أم أنها الآن سكينة القُرب؟

يعود مالك الحزين كسولًا وغير مبالٍ؛ السماء تخفي نجومها.. ثم تكشفها.

………………………………..

[1] نبات وعائي لا زهري ولا بذري: أي أنه لا يُنتج أزهارًا ولا ثمارًا ولا يتكاثر بالبذور، بل يتكاثر عن طريق الأبواغ.

مقالات من نفس القسم