عماد غزالي
كلُّهم يرتعبون من الحقيقةِ العارية
كلُّهم يبحثون عن حكايةٍ خرافيةٍ محبوكةٍ
تملأُ الفراغَ الأصليَّ
ذلك الفراغَ الذي خلّفَهُ
الإنكارُ العميق.
كان من السهل تمامًا عليّ
نسجُ القِصةِ التي يتداولونها الآن
ليختطفوها من فمي
ويتشبثوا بها
فهي مبنيةٌ –كما خططتُ- على تطويعِ المستحيلات
قطفِها من أعلى أغصان الشجرة
وتقديمها إليهم.. في طبقٍ ملوّنٍ شهيّ
يشمّونه ويلمسونه ويذوقونه
ثمّ في النهاية
يبتلعون ثمرتَه؛ غيرَ الموجودة.
ما قلتُ لهم غير أنني متُّ مَوْتا
بعدما كنتُ أحيا حياةً
وأنني
بُعثتُ إليهم من موتي
لأعظَهُم
وأنّ عليهم أن يرقبوني
نعم يرقبوني وأنا أرقص
ثم يقلّدوا الرقصةَ وهم يدورون حولي
ويغنُّون لمعجزتي
وأنا أواصلُ الرقص.
ليس كثيرًا عليّ إذن أن أصير مقدّسا
ليس كثيرًا
أن يشمّوا العطرَ كلما دنوتُ من بعيد
وليس كثيرًا
أن أخطُرَ في أحلامهم إن أردتُ
يثوبي المنسوجِ من النور
وبعينيّ
القادرتين على سبْرِ الأغوار
أرى الأحلامَ منقوشةً على جباههم
حين يلتفّون حولي
فأخبرهم بها
فيغوصون عميقًا في مياه قداستي.
أنا رجلُ الحكايةِ الواحدةِ المستمرّة
رجلُ الانبعاثِ من رقدةِ الموت
رجلُ البلاغ المقدّس
الذي يملكُ نفخةَ الحياة في الأسطورة
يجعلُها زادًا يوميا للذين هُمْ بلا أملٍ
ورقصةً
تتكرّرُ بلا نهايةٍ.





