شظايا الزمن

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مروة عبدالفتاح

 

ضيفٌ قديم يعرف الطريق إلى دمي،

يخرج من ندبةٍ خبّأتُها في صمت جسدي،

من ذاكرةٍ لم تشخ رغم تعاقب الفصول.

 

إنّه الوجع ذاته؛

المعلّم الخفي الذي لقّنني أن الحياة لا تُفهم بالفرح وحده،

يطول في المساء حتى يبتلعني،

ينادي باسمي كما لو كانني،

يستعيدني من بين وجوه الآخرين،

ويعيدني إلى أصل الجرح الذي لم يشفَ أبدًا.

 

أعرفه من رعشة أصابعي، وحرفٍ يتعثّر على شفتي،

أبوابٌ تتفتّح في صدري على هاويةٍ تسحبني إلى أعماقها؛

ألمحه في رجفة قلبي،

في الرسائل التي لم تُكتب قط،

لكنها وصلت إلى عينيّ.

مألوفٌ كأنفاسي،

مقرّبٌ كعتمة غرفتي

كلّما حاولتُ أن أتركه خلفي،

وجدته يسبقني إليها بضحكةٍ تفضحني، ي

ضع يده على كتفي وقتما يخدعني وهم الراحة،

ليذكّرني أن السلام الذي أبحث عنه

ليس سوى سرابٍ أرتديه.

 

أراه في عينيّ عندما تغمرهما الدموع

وفي يديّ حين تبحثان عن دفئً،

فلا تعثران إلّا على برده القاسي.

 

هو ظلّي الذي لا يغادرني،

مرآتي التي تتفتّت،

ثم تتجمع شظاياها من جديد في ملامح غريبة،

لا أعلم إن كانت لي.

 

يمشي بي طريقه الأخير،

وأمشي به وطني الوحيد،

وحين أظن أنني بلغت نهايتي،

يفتح بابًا آخر،

بابًا لا أعرف إن كان يقودني إلى شفاء،

أم إلى جرحٍ أعمق،

أم إلى نفسي التي لم أصل إليها بعد.

 

فكل جرح يترك وراءه نافذة صغيرة،

يضئ فيها ضوءٌ خافت،

كأن الحياة مازالت ممكنة،

وكأنني مازلتُ حيّة.

وكل خطوة في الألم تكشف بصيصًا من الحقيقة، ومني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتبة مصرية

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

كورونيات