فتحي مهذب
أكلم الحجر وأوغل في الضحك
أكلم الباص وأتجاهل الركاب
لفرط ما ذقت من السموم
ولا أنسى خفة ريشي
المتساقط من البلكونة
أكلم الحجر وأوغل في الضحك
لفرط عذوبته في الخلوة
للينبوع الزارب من جبته
ذهبا خالصا وأسرار حياة
أكلم الأشباح
أقلم أظافر اللامكان
أكلم الأموات في العتمة
لتسلية روحي الأسيانة
لإفراغ كيس الدموع في الهواء
أرنو إلى قاع اللاشيء
الجثث العالقة في شباكه
إلى العميان
إذ يحملون سرير النهار
غير مبالين بنأمة البدهي
أتأمل شواهد القبور
وأحصي ما تبقى من ثقوب حياتي
أزعم أن لي علاقة بالريح
أكلمها عندما أسكر وأجن
أسمعها صفير عظامي
وتسمعني قداسها العذب
معا نتقاسم رغيف الهاوية
ندع الهدهد وحيدا
في مرتفعات الدلالة
ولا يصفق لنا غير المنتحرين
**
روحك التي بمترين ونصف
هل حقا ستفرين مع قائد الأوركسترا محملة بسلال الكاكاو؟.
– هل ستحملين السوتيان الأحمر الذي قتل لصوصا كثرا؟.
– قبعتك التي تحدق في المارة النائمين.
– روحك التي بمترين ونصف.
– فستانك الباريسي المتخم بعطور النار.
– أكسسوارات الزينة وبرتقالة سهوك اليومي.
– ضحكتك المغرورقة بالدموع والصلاة.
– صوتك المليء بالفراولة.
– ما مصير الغزالة التي نسيتها في نصك الدادائي الأخير؟.
والثعلب القطبي الذي ألقمته نهديك الحارين؟.
– هل فعلا ستذهبين إلى سمرقند؟
تركبين البحر وتمسحين دموع الغرقى.
تتبعك عائلة مضطهدة من الدلافين
لحماية قاربك من الهذيان.
لتهذيب طبائع الأمواج في العتمة.
– المهم:
– سأطلق رصاصا حيا باتجاه فيلة الوداع الضخمة.
– سأنزع فلذة كبدي وأطعم نسر الجنون.
– سأنزع نظاراتي وأرمي عيني المتورمتين من شباك الطائرة.
– أنسيت كم إفترسنا من أرانب الساعات الحلوة.
– في الباص الذي يأكل المتناقضات مثل هزبر في السافانا.
في الحدائق التي تفكر مثل الرواقيين.
في الغابة التي يحكمها فهد النوستالجيا.
– كان قلبك سمكة مذعورة.
– وصدري أكواريوم من الزجاج والقصب.
– هواجسك تمطر باستمرار.
– صمتي يتكلم بفصاحة.
– يخطط لانقلاب معرفي.
– يطاردنا شرطي على ظهر نعامة
فاتحا زخات متتالية على ذكرياتنا المكتنزة بإيقاع السرد القصصي.
– يطاردنا مقاتلو طالبان بزجاج حارق.
– يطاردنا حفارو القبور بتوابيت من البلاستيك.
– مشركو قريش بقذائف الهاون.
– كنا نختفي في باخرة التايتنيك.
في الشتاء
– نذهب إلى الكنيسة على أطراف أصابعنا.
يعمدنا يسوع بخيوط شفيفة من الضوء.
يهدينا سلة من سمك السردين الطازج.
ويظل يستدرجنا بعينيه الزرقاوين إلى سرير بنات نعش.
بينما صلواتنا الهشة تتخبط في البهو.
– هل حقا ستفرين مثل ملكة بعد سقوط العرش؟.
تمضغين قلبي وترمينه للوحوش؟. .
تاركة كما هائلا من الثيران تجتر شراييني في الإسطبل. ؟
– الشتاء قادم يا حبيبتي
مثل مقاتل شركسي.
-المسرحيون ماتوا رميا بالرصاص.
– كلبنا باسط ذراعيه على عتبة النص.
يحرس مخيلتي من اللصوص والقراصنة.
أنا غاضب جدا يا حبيبتي
(سأقطع خصيتي وأرميهما في المرحاض)
– سأقتلع مؤخرة الغرسونة.
– النبيذ له طعم نهديك الساهرين.
-أعلم أنه سيكون شتاء قاسيا جدا.
مليئا بالسعال والسكاكين والبراز.
– سأبكي وحدي
مثل راهب من التيبت في مبغى.
الذين أحبهم ذهبوا إلى النسيان.
– القباطنة يهشمون الغيوم.
والمارة ينبحون بشراسة.
– سأطرد العزلة مثل بغي من حجرة النوم.
– سألاحقك يا حبيبتي
مثل فهد جائع.
– سأقتل قائد الأوركسترا بضربة فأس.
– الطقس غير ملائم بالمرة.
– هولاكو فوق سطح البيت.
– الزنوج يدقون الطبول بالجوار.
وأنا مصمم على حرب الشوارع
– لاسترداد تاجك أيتها الملكة
– خنق قائد الأوركسترا بأظافر مخيالي.
*
دموع الأرمل إوزات بيضاء
– لا أدري كيف سقطت في الهاوية..
كيف جلب لي نقاد من قاع السرد جلباب شوبنهاور ..
كلبه وعصاه الشهيرة..
ولكن لماذا فتحوا نار النسيان
على سرب مجازاتي؟..
****
أخيرا كسبت المعركة .
أذبت عيني شبه الخضراوين
في فنجان القهوة..
واحتسيت كيس الدموع مرة واحدة..
لم أعد أبكي كلما هاجمني
طيف زوجتي المختفية في آذار..
أو سخر مني لسانها المتدلي على جثتها في المشرحة..
أعدت غربلة دقيق مخيلتي..
لم أبق الا صورتها الحلوة
وهي تنثر القمح لحمام جريح
يسقط من فم الأفق..
قتلت بوابا يحرس حديقة رأسي..
كسرت زجاج عقلي الباطن..
وتحالفت مع وحوش النسيان .
****
في غيابات البئر
تطل علي غزالة وتبكي..
يغني أسد مسن على الحافة
كلما صعدت غيمة من فوهة رأسي
الى أعلى..
ولجبر خواطري يرمي ثعلب
خاتمه في قاع البئر..
كلما سمع نأمة روحي تحك ريشها في الهواء .
****
أبحث عن امرأتي في العتمة..
كما لو أنها إبرة في كومة قش..
وحين صحوت اكتشفت موتي..
وكمون إمرأتي في جذور المحو .
كم كان موتي بعدك قاسيا لا يطاق.