شمس المولى
كثيرًا ما تبدأ علاقتنا بالشعر والحياة والناس من لحظةٍ عابرة، لا ننتبه لها في حينها، لكنها تُفتح على تجربة سترافقك طويلًا. لحظتي الأولى مع اسم الشاعر سمير درويش تعود إلى عام 2017، حين قررت أن أنشر أول قصيدة لي. أرسلتها إلى مجلة الثقافة الجديدة، وبينما كنتُ أتصفح العدد الذي صدر ذلك الشهر، وقع بصري على اسمه في صفحة هيئة التحرير؛ كان يشغل منصب رئيس التحرير حينها.
بعدها، بدأتُ أقرأ له بالصدفة نصوصًا متفرقة هنا وهناك على فيسبوك، إلى أن صادفت ديوانه من أجل امرأة عابرة، الصادر عام 2009، وكان ذلك في مكتبة بيت الشعر بالأقصر. وبعد قراءة هذا الديوان الصغير، الذي ضم قصيدة لافتة ومباغتة وحية بعنوان الأقصر، شعرت برغبة شديدة في مواصلة اكتشاف تجربته الشعرية.
لاحقًا، وقع بين يدي ديوانه يوميات قائد الأوركسترا، وهناك حدثت المفاجأة الحقيقية. لقد وجدت نفسي أمام شعرٍ ينطوي على خصوصية ودهشة، شعر لا يعتمد المجاز وحده، ولا يتكئ على الإشارات والإسقاطات التقليدية، بل يفتح للقارئ بابًا ليعيش معه اللحظة، يراه ويسمعه، بل يدخل إلى عقله أحيانًا ويطلع على ما يؤرقه ويثير الحزن في قلبه دون أن ينطق الشاعر كلمة واحدة عن الحزن أو يصف موقفًا حزينًا.
إنك تشعر، كقارئ، بالحزن والألم والرغبة في البكاء، لا لأنك أمام نص كئيب، بل لأنك تواجه براعة في السرد، وصدقًا في الحالة، وخصوصية في التجربة، تجعلك تتنقل بين السطور بنصف ابتسامة ونصف دمعة.
شعرٌ كهذا يتركك مشحونًا بالعاطفة، متسائلًا، مأخوذًا بهذه التجربة، بغض النظر عمَّا إذا كنت تحب هذا النوع من الشعر أو لا. لكنه، بكل تأكيد، سيدهشك، ويجعلك تتوقف أمامه طويلًا، مقدِّرًا له، لا تُحيله إلا إلى سمير درويش.
وكان من حسن حظي أن التقيته أخيرًا، واستمتعتُ بقراءته في مهرجان الأقصر للشعر العربي في نوفمبر 2024.
حين تُقابل الأستاذ سمير درويش، ستُسلِّم عليه وتتحدث معه ببساطة وودٍّ حقيقي، دون تكلف أو تصنُّع. هو لا يبالغ في الترحيب أو الابتسام، لأنه خجولٌ جدًّا، شديد الحساسية، حتى في لطفه.
هذا كان انطباعي الصادق عنه.
وأتمنى قريبًا أن أحصل على أعماله الروائية، ففضولي لمعرفته كروائي لا يقل عن إعجابي بشعره.