أيّ حِكاية، وقصائد أُخرى

مبارك وساط
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مبارك وساط

أَيُّ حكاية

أَيّ حكاية

يَهمس لي بها هذا البهلوان

المُطِلّ من نافذتي؟

وَلِماذا يموت أطفال كثيرون

في نهايتها؟

لِماذا يَمُور زَبَد

في أحشاء هذه السّاعة؟

هل تَغمرني الآن مياهُ البَحر

وأنا جالس في غرفتي

فيما قِطّي العجيب

يُثْلج مِن عينيه؟

*

تجـاعيد

تجاعيدُ تتدحرج على سَطح تابوت

التّابوت ينتظر عجوزاً

لم تَمتْ بعد

لكنّ أصابعَ يَدَيها هي التي تجيء

وَتَنقر على سطحه

إنّه الآن بيانو

في الخارج

مَطر لطيف

يُشارك في السيمفونيّة

التي تتنامى

*

كأس

تركتُ كأسي فارغة

على حافة النّافذة

حَدث ذلك سهواً

لا أكره هذه الكأس

هي كائن مُرْهَف

وتتذكّر أقدامَ أُناسِ عصور بائدة

كانوا قد داسوها

وهيَ بعدُ حبّات رَمل

تتذكّرُ أنّي أسقطتُها مرّةً

دون رغبة منّي

وأبدتْ صبراً ولمْ تنكسِر

بل تدحرجتْ وَرَسَت

فوق أصابعِ قدمي اليُمنى

أحياناً أشعر أنّ أسىً يتخلّل كيانها

فأسكبُ فيها نبيذاً

أو أُغنيةَ شتاء

يحدثُ أنْ أتحدّثُ إليها هَمساً

حتّى تتشرّبَ كلماتي

وكثيراً ما تُغْنيني عَن أرصفة

تتيه فيها خُطاي ولا تَغنم

سوى الضّجر

*

أُطفِئُ الرّاديو

أُطفئ الرّاديو

وتبقى النّغمات العنيدة

في هواء غرفتي

غُبارٌ على حافة نافذتي

يُنبئ بِرقصة نِمال تحت شجرة

نِمال أعرفهنّ واحدة واحدة

سأكتب كتاباً عن أحلام النّمل

إن توافر لي الوقت

غُرفتي يَسودها حِسّ التّضامن

يحترق مصباح في لحظة

فتتطوّعُ قارورة المُرَبّى

لِتحلّ محلَّه

ربّما كنتُ شَفَقاً في زمن قديم

وكانت أنفاسي مَطَراً

أنا الآن تحت الدُّوش

تُعابثي الصّابونة

فتقفز فوق الدّولاب

وفي جوفها

إحدى قهقهاتي القديمة

لكنّها سرعان ما تَعود

وتتمسّح بكتفيّ

*

مَتاعب السّقّاء نَوفل

السَّقّاء نوفل حزين

لأنّ مَاءَ قِربته انقلبَ إلى حِبر

يَوم شَرَع في كتابة رواية

مستعملاً ريشةً وَدَواة

لم ينتبه إلى الأمر

إلّا بعد أن ملأ طاسةً وكان

على وشك تقديمها إلى زبون

وبينما هو يفكّر في ما وقع

غَزا تأمّلُه غُرَفاً

عواطفُه أثّرتْ

في راكبي سَفينة

حُزنه كسرَ كؤوساً في بيوت بالحيّ :

في بيت قاسم المهندس

وبيت الصّبّاغ عبد اللطيف

وبائع الحريرة عبد النّور

يوم انقلب ماءُ قربته إلى حِبر

توقّفت قربَه امرأة كانت تُهرول

وضعتْ يدها على القِربة

وشرعتْ في البُكاء بلا سبب

الدّجاجات اللائي تَبِعْنه

لِيُعاينّ ما حدث لماء القِربة

عولِجن مِن فضولهنّ

بِصدمات كهربائيّة

نَوفل السّقّاء يَجـلس الآن أمام بيته

يحتضن قربته

ولا يفهم

ما الذي دهاها

*

أنا في شارع

أنا في شارع

مع العديد من النّاس

يَمرّ فوق رؤوسنا سَراب

كأنّه بِساط رَهيف مُلَوّن

تتساقط منه أوراقٌ كثيرة جِدّاً

عليها تواريخ وَفَياتنا

نحن الذين نسير على الرّصيفَين

لكنّك لن تعثر على الورقة

التي تخصّك أنت بالذّات

إلّا بمعجزة

لا أعتقد أنّي سأعثر على ورقتي

فأنا أسوأ حظّاً

من كواكب الخَزَف

لذا لا أبحث عنها إلّا لِثَوانٍ

بَعدها أتسلّى بالنّظر إلى ألسِنَة

تتدلّى مِن مصابيح الإشارات الضّوئيّة

الأخضر يُغنّي

الأحمر يَزجُر

الأصفر يتلعثم

*

استثناء

منذ سنوات

وأنا على خلاف مع أشخاص

قابعين في أحلامي

وبمجرّد ما أغمضُ عينيّ

يصرخون في وجهي

لكنّ واحداً منهم على الأقلّ

يتمنّى لي في كُلِّ مَرّة

ليلة طيّبة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم