الشِّعر في اليوم السَّابع

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد ناصر الدين

(لوحة أولى)

في البدء كانت الريح

كانت جمرة تخبو وتلمع في الريح

كان عصفور يغلق عينيه ويفتحهما في الجمرة

كان صوت يعلو ويهبط في العصفور

كان الشعر يفتح إيقاعاً ويغلقه في الصوت

عندها الإله الذي في الريح والجمرة والعصفور والصوت

رافعاً رأسه، يرمي بالتجاعيد من فوق جبينه

يرقص فاتحاً ذراعيه

إنَّهم في اليوم السابع

يحملونه مخموراً إلى سريره

موسی يعقد هدنة مع السحرة

يوسف يعانق إخوته

فقط حين ينزل الشِّعرُ إلى الجُبِّ

ويخرج بحيّة ملوّنة.

 

(لوحة ثانية)

 

تقول المرأة

للتي أحلامها لغة

حروفها الطير

وإيقاعها الهواء:

ها قد مر الله قرب النافذة

هل رأيت الندبة فوق يده

والتجاعيد فوق جبينه؟

تجيب الوحيدة في بلاد البرد:

أنا المنذورة إذن للرجم بالحجارة

أنا وردة تتعرّى في الريح.

 

حين سمعوا أنّ نبيّاً

فلق البحر بالعصا

ضحك أجدادي العصاة طويلاً

هم أيضاً كسروا الجبل بالفأس

ورمّمته أمهاتُهم بالدموع

وعلى بعد ربوتين في الجليل

كانت المعجزة أوهن من أن تجد العرس

لتحوّل الماء في الجرّة إلى خمر للفقراء

كانوا الفقراء أنفسهم مع استثناءٍ صغير:

طائرة يوشع فوق المخيم

تُحوّل دورة الدم في أوردتهم

إلى دم فوق الأشجار.

هللويا .. هللويا

 

كان يحب لو تَلقّاه الفلاسفة بربطة عنق

الفلسفة ضرباً بالمطارق أدمت أصابعه الصغيرة

والخيمياء أيضاً حوّلت زهرة اليقين في ياقته إلى رماد

 

الآن

وقد سقط العقل والأسطورة

هرب إلى الشِّعر

أرني وجهك أيّها الهارب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* شاعر ومُترجم وأستاذ جامعي من لبنان

 

مقالات من نفس القسم