سمية عبد المنعم
منذ عرفتها لم أرها تبكي هكذا أبدا..
والآن صارت دموعها تغرق وجهها ليل نهار. في باديء الأمر كنت أشاركها البكاء، وأحيانا أحتضنها وأطبطب على يدها، فتزداد بكاء وتتشبث بكفي الصغيرة وتهمس في أذني” ادعي لعمو”.
لكنني ما عدت أشاركها البكاء، وما عدت أحتضنها.
أقف بعيدا عنها أرقبها في غضب وأنا أتساءل؛ لماذا تبكيه هكذا، أهي تحبه أكثر مني؟، ولماذا لم أرها يوما تبكي غياب أبي؟
“بحبه أكتر من نفسي، ادعي له ..”
نعم، طيب هو..
أكثر من أبي، أعلم ذلك جيدا، دائما كنت أراه يحتضنها ويقبل يديها حتى أمام الناس، فعلمت أنه يحبها، منذ تزوجته وهي تضحك دائما، هدأت وما عادت تعاقبني إن أخطأت، فعلمت أنها أيضا تحبه كثيرا.
نعم، طيب هو…
يعاملني برفق، ويهديني أجمل اللعب، يضحك لي دائما، ويصغي لحكاياتي باهتمام..
ليس كأبي، أظنه يحبني ويحبها أكثر منه.
وهي…
مازالت تبكي مرضه، يزداد غضبي، هل تحبه أكثر مني؟
تشير إليّ، تجذبني نحوها وتحتضنني، ثم تبكي.
تعتصر كفي ونحن نسير في الشارع، الناس ينظرون إلى دموعها وهي لا تشعر سوى بكفي ..
فهل تحبه أكثر مني؟
أذكر حين مرضت مرضا شديدا وفتحت عيني في ألم فرأيتها تبكي ممسكة بكفي، كان بكاؤها عليّ يشبه بكاءها عليه.
إذن فهي تحبه مثلما تحبني..
أحيانا أشعر بالغيظ وكأنه ابنها، وليس زوجها، تدلله مثلما تدللني، وتقبل خده كثيرا..مثلما تقبل خدي.
لكنه طيب..
سمعته مرة يمنحها بعض المال لتشتري لي لعبة أعجبتني، كان أبي قد رفض شراءها بحجة أنها غالية الثمن، أعطاها عمو ثمنها وأوصاها ألا تخبرني بأنه هو من اشتراها، بل تخبرني أن أبي أرسلها.
وحينها سألت نفسي، لماذا فعل ذلك رغم أن أبي يكرهه، ولم أعرف سببا سوى أنه طيب.
نعم، طيب…ويحبني…يحبني مثلما يحبها.
نظرت إلى أمي وهي تحاول أن تهدأ، تركت لها كفي تضغط عليها، واحتضنتُها بقوة..و..
وبكيت.
ودعوت لعمو الطيب أن يشفيه الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاصة مصرية