جوني وين: يستكنه الحب في أمريكا، وفيتنام ندبة نقصه

Johnny Nguyen
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ترجمة وتقديم: د. فداء العايدي*

تملأ مقطوعات جوني وين Johnny Nguyen الإنترنت.  يعزز الإخراج الطباعي المنسق كالبطاقات البريدية هويتها الشاعرية وتعبيرها عن نمط من الكتابة يمكن وسمه بالهواية والتجريب اللارسمي والبساطة والرومانسية السطحية والشعبية بين المراهقين.

يظهر لي جوني وين بمظهر المقبل على اللحظة بجوهرها الزماني وبعدها المكاني. إنه شاب لم يبلغ الثلاثين من أصولٍ فيتنامية، تغلب الحياة فيه اليأس.

يصف نفسه بتفاخر قائلًا إنه لطالما كان محبوبًا ويحسن تكوين الصداقات.  وكأنه يدرأ عن نفسه تهمة العزلة التي تعمق الحكم النمطي بعدم الاندماج على شاب من أصول آسيوية لأبوين لاجئين من فيتنام.

ويواصل تقديم الخطوات للتقرب من المركز الثقافي الأمريكي، فيعرض استنكاره لما يسميه “الذكورية” في الثقافة الفيتنامية التي تحول برأيه دون عيش الرجل لحقيقة الحب جراء كتم مشاعره. إنه يقول: إنني أحب وأَجرح وأُجرَح.

لقد عرض لهذه التناصات الذاتية الاجتماعية في مقدمة منشوره “تذكير Reminder”، متبرمًا من تحفظ الثقافة الفيتنامية على تعبير الرجل عن مشاعره، على حد تعبيره.

يشكل معجم الطبيعة أحد أعمدة أسلوبه اللغوي؛ بحر، نجوم، محيط، مطر، قمر. ويحضر معجم لطواطم الخير والشر ذو الخلفية الثقافية: الملائكة والشياطين.

لكنه ينشئ البنى الشعرية بتنمية هذه المفردات المعجمية إلى تراكيب مميزة ضمن بناء تعالقي.

قد تعكس لغته ذات الخلفية الخطابية العذرية احتمالات دلالية من الحساسية والتأني في استكناه الحب في بلاد الحلم الأمريكي. مردها ثقة هشة إلى حد ما جراء خصوصية انتمائه الثقافي.  وتتجسد هذه المعالجات الرقيقة في شكل طروحات واضحة ولغة مكثفة.

عندما كلمت جوني وين لإخباره عن نيتي ترجمة أعماله، قال بعصبية وتعجرف: لا ! مستحيل ! عمّ تتكلمين؟!

قلت له: سامحني على ارتكاب هذه الجريمة، لا بأس، انس الموضوع.

عاد بعد ساعات ليعتذر ويقول إنه أساء التعبير ولم يقصد أن يكون وقحًا، وأنه متحمس جدا لترجمة نصوصه !!

أترجم بعضًا من نصوصه هنا تذوقًا لنموذج شاعر يمثل حالة تعبيرية جماهيرية ذات سمت لغوي متأرجح بين الطفولة وضفاف النضج، تُلمس فيها احتمالات خطابية تتعلق بصراع الهوية بين الثقافة الأم واللحظة الأمريكية.

**

في مكانٍ ما

على امتداد رحلتي

ضيعت ما كنت، لحساب ما كان

وما لن يكون مجددًا.

 

أحببت بكل الأكسجين في دمي

وبكل العسل في جلدي

وبكل الماء في عيوني.

 

أحببت بشرًا

أغرقوني في محيطي

وجعلوني أعاقب نفسي

لأني

لست كافيًا لأملأ عظامهم.

 

لكنني ممتلئٌ الآن وحر.

سيتصدع القمر

وستنشق الأرض

وستقع النجوم

قبل أن انسى نفسي

يومًا، مرةً أخرى.

*****”

في الثانية والنصف صباحًا

أجتهد لأكون مادةً لهواجسكِ.

فتتخلق الفراشات بعمقٍ وكثافة

وتغطين في النوم

لتهربي من الإثارة

******

لا أحتاجكِ كي تنقذيني!

أريدكِ أن تتطوعي لتكوني جزءًا من هذا الجنون.

******

هنالك محيطٌ بداخلي

ضعي أذنكِ على صدري

واستمعي

إنه يزمجر من أجلك

******

 إذن أخبريهم

أخبري الجميع

كم اهتممت

ماذا فعلت، وأين ذهبت

انشري الأخبار عن قلبي الكبير

وروحي الطيبة.

كيف روضتُ الوحوشَ

المختفية تحت سريرك

وكيف تعقبت قمرك

وكم كنت على وشك اختطافك من هذا العالم

أخبريهم كم أحبك

لا تنسي..إنني أستحق ذلك

******

يومًا ما

عندما تكون عظامنا قد ارتاحت،

سنغادرها لنمشي متلاصقين

تحت أضواء المدينة اللامعة

 

في تلك اللحظة، لا تنبسي بكلمة

فقط ابتسمي لي

وواصلي المسير

 

دعي ذكرياتي تغمرك

كأمواج المحيط

 

اسمحي لخطوات قدميّ

أن تخلق زلازل في يديك

 

إذا ما قررتِ ابتلاع كبريائك والعودة

سأكون هنالك منتظرًا

******

الآن

هذا كل ما يمكن لك أن تكونه:

ذكرى

صورةٌ

شبحٌ

ظلٌ لما كان

صلاةٌ غير مجابة.

******

إليكم قصة جميلة

لقد وقعت في الحب.

إنها حكايةٌ مأساوية:

لقد وقعت في حب ما كان

وما لا يمكن أن يكون.

******

وفجأةً

غدوتِ القصيدة،

التي تعد كتابتها،

 الفعل الأكثر إيلامًا.

******

لدي إيمانٌ

بأننا سنلتقي مجددًا

ربما في هذه الحياة

أو في الحياة الأخرى.

أو ربما

عندما نتحول إلى ملائكة

ويكون بمقدورنا ذرع هذه الأرض

بحرية

مكتملَيْن

بلا أحمال.

سأراك قريبًا

******

لا تبحثي عني

في الأماكن أو الوقت

اللواتي كنت فيهن يومًا.

ابحثي عني في الأماكن

التي أنا فيها الآن.

في النجوم..

على القمر..

بين تهويدات النوم..

في جلدك وروحك.

لأني بداخلك، ما زلت أتنفس

حيث ما زلت أحيا.

****

أصلي كل يوم

لأتوقف عن التساؤل:

أين أنتِ؟

ماذا تفعلين؟

 ولأتوقف عن افتقاد

الوقود في يديكِ

الذي يشعل بشرتي.

لستُ معتادًا على التخدر

لستُ معتادًا على الرماد

****

عدني بأنك ستحلم اليوم

عد بأنك ستقع في حب اللامتخيل..

المستحيل

الذي لا يمكن بلوغه.

أَقسمْ بأنك

 سترحب بكل شيء عرضيٍ يقاطع طريقك

مهما كان مملًا أو تافهًا.

أي حياةٍ تعيشها

إذا لم تكن قادرًا على الحلم بالممكنات

وحب ما لا يمكن تصوره

والاحتفاء بالعادي؟

……………………………….

* باحثة في الأدب والنقد. تحمل درجة الدكتوراه في النقد الثقافي.

 

مقالات من نفس القسم