غرق متوارث

ART
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نور الدين كويحيا

جئتُ تفسيراً خاطئاً لأحزانهم
أو ربما كنت تفسيراً غامضاً
صدّقت هذه الأخيرة.

وقلتُ: هم لم يفهموا معاني عينيَّ
وأن الحزن المُضيء فيهما كان امتداداً لحزنهم العصي
وأن قلبي المُعتم دائماً كُتب فوق نتوئه: تُفاحة غواية.

جئتُ،
لكن، لم أفسِّر حزنهم
كنتُ منذ البدء امتداداً لحزنهم الطّافح فوق المسرّات
كنتُ ظلاً شبحياً يجول فوق الجدران.

حين نادوني أول مرةٍ باسمي المُستعار
نظرت نحوهم.. لمحوا الحزن الخافت
قالوا: هو حزنٌ آخر .. هو ليس كحزننا الأزرق هو شيءٌ آخر.

وحين ربّتوا على كتفي
قالوا: شيءٌ ما فيه ينبض بالحياة
تساءلوا: لماذا هو ليس ميتاً مثلنا؟ لماذا هو ليس جثةً لها أقدام تمشي بلا انتهاء؟
كنتُ هشًّا كورقِ الخريف في انتصاراته الأخيرة، لكن شيءٌ ما في قلبي كان يقفز فرحاً بالحياة.

مضيتُ،
قطعتُ الجداول التي تصطدم في نهاياتها بالصّخر،
قطعتُ البحر الذي يلوذُ بالفرار حين تأتي العواصفُ محملةً بأحزانٍ ماضية
قطعتُ الشَّوارع.. ومازال قلبي رملاً مكدَّسا.

قلتُ: هناك ربما ستمتد جذوري نحو الأسفل
وستمتد فروعي نحو السماء
ولن أحزن لأن ثماري في كل ليلةٍ تأتي ذِئاب وحشةٍ وتقضم جزءاً منها.. ثم تفرُّ…

كبرتُ،
كان جسدي يمضي بضجرٍ
وكانت عيناي تحكيان موتاً قديماً
وفي صوتي نداءاتٌ لا تُستجاب.

مدّوا أيديهم.. قالوا: نحن هنا
نحن حبالُ نجاتك إذ تناديك الحواف بالسُّقوط
لكنهم،
كفعلٍ معهود يلفونها حول عنقي.. يقتلون النَّفَس.. الخُطوةَ.. ويمزقون أجنحةَ الحُلم.

ابتعدتُ…
قلتُ: لا تمدّوا أيديكم التي من صدأ
خلف مسرَّاتكم فؤوسُ حطّاب
وجذعُ قلبي يابس
وغاباتي بكل أشجارها انتحاراتٌ أخيرة.

خذوا هذا النَّبض، ولا تسيروا مجدداً نحو ذاكرتي.
أخذوه.. ثم ابتعدوا.. توارو كالظِّلال ساعةَ الغروب.. وندمت!

الآن، كلما نظرتُ إلى كفي
لمحتُ بُقعةً زرقاء،
سألتُ: أهذا غرقهم المُتوارث؟

…………………….
*شاعر من المغرب

 

مقالات من نفس القسم

tareq hashem
يتبعهم الغاوون
طارق هاشم

مادلين

nourhan abu ouf
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

فقاعة

nourhan abu ouf
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

نصوص