.. ولعناوين الأفلام موضات!

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أحمد عبد الرحيم

هل تعلم أن لعناوين الأفلام فى السينما المصرية موضات تتنوّع كما موضات الملابس والتسريحات؟ إذا لم تصدقنى، فطالع هذا المقال..  

قوة النجم

حينما يملك النجم شعبية واسعة، فقد ضَمِن جمهورًا يتهافت لدخول أفلامه. وعى المنتجون هذا مبكرًا، واضعين الأسماء الحقيقية لنجوم أفلامهم فى عناوينها؛ سواء كان لشخصياتهم داخل الأحداث هذه الأسماء نفسها أم لا. أول ممثل مصرى نال هذا الشرف كان الممثل الكوميدى شالوم، فى فيلمه بالثلاثينيات: شالوم الترجمان (1935). تلته المطربة ليلى مراد، التى نالت طيلة الأربعينيات سلسلة أفلام باسمها هى: ليلى بنت مدارس (1941)، ليلى بنت الريف (1941)، ليلى (1942)، ليلى فى الظلام (1944)، ليلى بنت الفقراء (1945)، ليلى بنت الأغنياء (1946).

ثم منذ منتصف الخمسينيات إلى بداية الستينيات، ظهر 16 فيلمًا لنجم الكوميديا إسماعيل ياسين تحمل اسمه، لاسيما سلسلة مغامراته فى الفروع العسكرية المختلفة ومنها: إسماعيل ياسين فى الجيش (1955)، إسماعيل ياسين فى الأسطول (1957)، إسماعيل ياسين بوليس حربى (1958)، إسماعيل ياسين فى الطيران (1959)، إلى جانب جولاته خارج هذا العالم ومنها: إسماعيل ياسين فى متحف الشمع (1956)، إسماعيل ياسين فى جنينة الحيوان (1957)، إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين (1958)، إسماعيل ياسين فى السجن (1960).

..ومن بداية الخمسينيات إلى بداية السبعينيات، ترسّخ اسم فريد شوقى بطلًا لأفلام الأكشن والجريمة المُطعَّمة بالكوميديا، نائلًا لقب “ملك الترسو”، لذا قدّم أفلامًا وإن لم تحمل اسمه فإنها تميّزت بعناوين قامت فى الأغلب على اسم مذكر، أو صفة مذكرة، تشير إليه، لترى أسماء متنوعة مثل: الأسطى حسن (1952)، حميدو (1953)، سلطان (1958)، عنتر بن شداد (1961)، أو أسماء متقاربة مثل: أبو الدهب (1954)، أبو حديد (1958)، أبو أحمد (1960)، أبو ربيع (1973)، أو صفات معرفة مفردة مثل: المجرم، المحتال (1954)، النمرود (1956)، الفتوة (1957)، العملاق (1960)، النصاب (1961)، الحاقد (1962)، النشال (1963)، الجاسوس، المارد (1964)، المشاغب (1965)، العبيط (1966)، الطريد (1968)، الحرامى، الشيطان (1969)، الغشاش (1970)، العنيد (1973). وبالمناسبة، كان العنوان الأصلى لفيلم “الفتوة” هو “سوق الخضار”، لكن تدخَّل فريد شوقى – بصفته منتج العمل – ليغيِّره.

تكرّر هذا الفكر بعدها مع النجم أحمد زكى فى أفلامه: المدمن (1983)، النمر الأسود، البرنس (1984)، سعد اليتيم (1985)، البرىء (1986)، البيه البواب (1987)، الإمبراطور (1990)، مستر كاراتيه، الباشا (1993)، سواق الهانم (1994)، أبو الدهب (1996)، حسن اللول (1997)، البطل (1998)، معالى الوزير (2002)، وبخصوص فيلم “الباشا”، فقد روى مخرجه طارق العريان فى أحد البرامج التلفزيونية أن عنوانه كان “تياترو”، ولما أصرّ أحمد زكى على تغييره ليصبح صفه خاصة به، مثل “الإمبراطور” عنوان فيلمهما السابق، رضخ له العريان، لكن مع الاحتفاظ بالعنوان الأصلى مكتوبًا بالإنجليزية بجوار العنوان الجديد على التترات.

أحيانًا ارتبطت كلمة ما بعناوين أفلام نجم بعينه، مثل كلمة “الشباب” فى فيلمى المطرب فريد الأطرش: انتصار الشباب (1941)، أحلام الشباب (1942). كلمة “الغرام” فى أفلام ليلى مراد خارج سلسلة “ليلى”: شهداء الغرام (1944)، شاطئ الغرام (1950)، ورد الغرام (1951). فعل “أحب” فى أفلام الراقصة تحية كاريوكا: أحب الغلط (1941)، أحب البلدى (1945)، أحب الرقص (1948). كلمة “جميل” فى فيلمين للمطرب عبد العزيز محمود، والراقصة سامية جمال، كتبهما وأخرجهما عباس كامل: أسمر وجميل (1950)، خَد الجميل (1951). كلمة “هانم” فى أفلام سامية جمال مع المؤلف أبو السعود الإبيارى: عفريته هانم (1949)، نشالة هانم (1953)، سكر هانم (1960) المأخوذ عن مسرحية للمؤلف عنوانها “عمتى فتافيت السكر”.

لم يقتصر الأمر على نجوم السينما الغنائية الاستعراضية، لتجد كلمة “أولاد” فى أفلام من تأليف وبطولة عميد المسرح العربى يوسف وهبى: أولاد الذوات (1932)، أولاد الفقراء (1942)، أولاد الشوارع (1951). كلمة “المجهول” فى فيلمين للنجم أحمد سالم بطلًا ومنتجًا ومخرجًا: الماضى المجهول (1946)، المستقبل المجهول (1948). كلمة “بيت” فى فيلمين للنجمة فاتن حمامة، مع المخرج أحمد كامل مرسى، أُطلقا فى عام واحد: ست البيت، كل بيت له راجل (1949)، وكلمة “ناس” فى 4 أفلام جمعتها بمخرج الروائع حسن الإمام، وكان اسمها “نعمت” فيهم جميعًا: ظلمونى الناس (1950)، أنا بنت ناس (1951)، أسرار الناس (1951)، قلوب الناس (1954). فعل “ارحم” فى بداية فيلمى هنرى بركات مخرجًا، ومشاركًا فى التأليف: ارحم دموعى (1954)، ارحم حبى (1959)، حيث قامت فاتن حمامة ببطولة أولهما، ورُشِّحت لبطولة ثانيهما. كلمة “صراع” بفيلمى النجم عمر الشريف، مع المنتج جبرائيل تلحمى والمخرج يوسف شاهين: صراع فى الوادى (1954)، صراع فى المينا (1956)، ثم فيلمه مع المنتج جمال الليثى والمخرج عاطف سالم: صراع فى النيل (1959) الذى كتبه على الزرقانى المُشارك فى كتابة “صراع فى الوادى”. كلمة “الحب”، متبوعة بصفة مُعرّفة، فى أفلام النجمة هند رستم: الحب العظيم (1957)، الحب الصامت (1958)، الحب الأخير (1959)، الحب الخالد (1965). كلمة “الحتة” فى فيلمين لحسن الصيفى مخرجًا ومنتجًا، وزوجته النجمة زهرة العلا بطلة أو مُشارِكة فى البطولة: بنت الحتة (1964)، ابن الحتة (1968). كلمة وحرف “البحث عن..” فى فيلمى النجم عادل إمام، والمنتج جمال الليثى: البحث عن فضيحة (1973)، البحث عن المتاعب (1975). كلمة “عذاب” فى فيلمين متتاليين للمؤلف على الزرقانى، والمخرج أحمد يحيى: العذاب امرأة (1977)، وداعًا للعذاب (1978)، ثم الكلمة نفسها مجددًا، بالفترة ذاتها، فى فيلمين متتاليين للمطرب عماد عبد الحليم: حياتى عذاب (1979)، عذاب الحب (1980) كأنه لا توجد كلمات بديلة فى اللغة العربية! كلمة “الراقصة” فى فيلمين للنجمة نبيلة عبيد، مأخوذين عن قصتين قصيرتين للأديب  إحسان عبد القدوس: الراقصة والطبال (1984)، الراقصة والسياسى (1990). كلمة وظرف “جحيم تحت..” فى فيلمين للنجم سمير صبري بطلًا ومنتجًا، ونادر جلال مخرجًا: جحيم تحت الماء (1989)، جحيم تحت الأرض (2001).

بعيدًا عن الاسم الصريح، أو الصفة المُميِّزة، أو حتى الكلمة الرابطة، انتشرت موضات من نوع آخر، كأن يقدم المخرج حسين فوزى، والمؤلف حسن توفيق، والنجمة صباح، فيلمى كوميديا غنائية يقوم عنوانهما على اسمين متشابهين: أنا ستوتة (1947)، أختى ستيتة (1950)، ويقدم عباس كامل، مؤلفًا ومخرجًا، فيلمى كوميديا غنائية آخرين يحمل أولهما كلمة، وثانيهما جمعها: منديل الحلو (1949)، دستة مناديل (1954)، ويتعاون محمود ذو الفقار مخرجًا، مع محمد أبو يوسف مشاركًا فى التأليف، فى فيلمين عنوانهما يجتمعان فى الصفة، ويتعاكسان فى النوع والسن: المراهق الكبير (1961)، المراهقة الصغيرة (1966)، ثم يتعاون المخرج حسن الإمام، مع المؤلف محمد مصطفى سامى، فى فيلمى دراما عاطفية متتاليين، عنوانهما ضمير مفرد، وجمع يعارضه فى النوع: هى والرجال (1965)، هو والنساء (1966).

يتواصل ذلك مع نجوم الكوميديا، فيظهر عادل إمام فى ثلاثية لا يربط بينها إلا أسماء أبطالها فى العناوين، وكلها أسماء شهور عربية: رجب فوق صفيح ساخن (1979)، شعبان تحت الصفر (1980)، رمضان فوق البركان (1985)، ويظهر نجم كوميديا آخر، محمد صبحى، فى أفلام عناوينها أرقام متقاربة: العبقرى خمسة (1985)، المشاغب ستة (1988)، راجل بسبع أرواح (1987)، ويظهر نجم كوميديا لاحق، محمد هنيدى، فى أفلام تعتمد عناوينها على السجع: همام فى أمستردام (1999)، بلية ودماغه العالية (2000)، عسكر فى المعسكر (2003)، الإنس والنمس (2021)، نبيل الجميل أخصائى تجميل (2022)، بل تُحاكَى عناوين مسلسلات وأفلام وروايات فى عناوين أفلام نجم الكوميديا الأحدث رامز جلال، مثل عنوان مسلسل أحلام الفتى الطاير (1978) فى أحلام الفتى الطايش (2007)، وعنوان فيلم رغبة متوحشة (1991) فى رغدة متوحشة (2018)، وعنوان فيلم أبى فوق الشجرة (1969) فى أخى فوق الشجرة (2023)، وعنوان رواية أحدب نوتردام (1831) فى أحمد نوتردام (2021).

عقدة الفيلم الناجح

ينجح فيلم ما، ويحصد إيرادات طائلة، فيغرى ذلك المنتجين، كى يحاولوا الاستفادة بأى شكل؛ بداية بالتعاون مع صانعى ذلك الفيلم، أو تكرار توليفته، أو حتى تكرار عنوانه؛ ومن الأمثلة لذلك فيلم خلى بالك من زوزو (1972)، الذى بقى فى دور العرض لفترة قياسية قاربت العام، حيث ظهرت جملة “خلى بالك من..” فى أفلام تالية مثل: خلى بالك من جيرانك (1979)، خلى بالك من عقلك (1985)، خلى بالك من عزوز (1992)، بل يُقال أن المنتج الكبير رمسيس نجيب أُعجب بعنوان “خلى بالك من زوزو”، طالبًا شراءه – منفردًا – من مؤلف الفيلم صلاح جاهين، لكن الأخير رفض.

بعد النجاح الجماهيرى لفيلم المذنبون (1976)، انتشر الجمع المذكر غالبًا، الذى يشير إلى مذنبين آخرين، عنوانًا لسلسلة طويلة من أفلام مشابهة تتعرّض لمجموعات الفساد المجتمعى، تَتَابع ظهورها لحوالى عقدين تاليين مثل: المنحرفون (1976)، الملاعين، الأيدي القذرة (1979)، الأبالسة (1980)، اللصوص، القطط السمان، أهل القمة (1981)، الأقوياء (1982)، السادة المرتشون، الذئاب (1983)، كلاب الحراسة، الطماعين، الخونة، النصابين، الأشقياء (1984)، الأوغاد، الصعاليك (1985)، كدابين الزفة، الثعابين، الأوباش، السفلة (1986)، الأونطجية، اللعيبة، العصابة (1987)، أصدقاء الشيطان (1988)، المغتصبون، الوحوش الصغيرة، ولاد الإيه (1989)، المفسدون، المساطيل (1991)، الثعالب، الشطار (1993)، لصوص خمس نجوم (1994)، طيور الظلام، كلاب المدينة (1995).

تلا نجاح فيلم الباطنية (1980) موضة عنونة الأفلام بأسماء أماكن، تلك التى دامت لعقد كامل، فى أعمال غزيرة أغلبها ميلودراما شعبية منها: فتوات بولاق (1981)، السلخانة، وكالة البلح، قهوة المواردى (1982)، برج المدابغ، أسوار المدابغ، درب الهوى، جدعان باب الشعرية (1983)، درب اللبانة، بيت القاضى (1984)، تل العقارب، المدبح، الدرب الأحمر (1985)، السكاكينى، شارع السد، حارة الجوهرى (1986)، الفحامين، روض الفرج، الشرابية، عزبة الصفيح (1987)، باب النصر (1988)، فتوات السلخانة، حارة برجوان، حارة الحبايب، باب شرق (1989)، الكيت كات (1991) المأخوذ عن رواية عنوانها “مالك الحزين” للكاتب إبراهيم أصلان. 

عقب نجاح فيلم الإمبراطور (1990) عن رحلة صعود وسقوط تاجر مخدرات، ظهر فيلم الإمبراطورة (1999) عن رحلة صعود وسقوط تاجرة مخدرات. لكن الأغرب من ذلك أنه عقب نجاح فيلم كابوريا (1990) انطلقت موضة لعنونة الأفلام بأسماء أكلات، دامت طوال عقد التسعينيات فى: يا مهلبيا يا (1991)، طعمية بالشطة (1993)، الإرهاب والكباب، حرب الفراولة (1994)، إستاكوزا (1996)، عيش الغراب (1997)، بيتزا بيتزا (1998).

..وأخيرًا، لا يمكنك إلا ملاحظة كيف يبدو عنوان فيلم صعيدى رايح جاى (2001) كأنه مزيج بين عنوانى أنجح فيلمين فى السينما المصرية حينذاك؛ إسماعيلية رايح جاى (1996)، وصعيدي فى الجامعة الأمريكية (1997)!

موضة الكلمة الدالة

هناك كلمات لها مدلول لا تخطئه الأذن، تؤدى دورها ببراعة فى الدعاية للفيلم، وتقديم نوعه، ففى النصف الأول من القرن العشرين، راجت أفلام مغامرات الصحراء، أو ما يُطلق عليه أفلام رعاة البقر المصرية، وما أدل من كلمة “صحراء” فى العنوان لتشير إلى ذلك ببساطة، وستشهدها فى: قبلة فى الصحراء (1927)، غادة الصحراء (1928)، ليلى بنت الصحراء (1936)، ابن الصحراء (1942)، سلطانة الصحراء (1947)، شيطان الصحراء (1954).

..وفى السينما الكوميدية بالأربعينيات، شاعت كلمة “الستات”، التى تغرى الرجال قبل النساء بالمشاهدة، فى أفلام مثل: تحيا الستات (1943)، الستات فى خطر (1948)، الستات عفاريت (1948)، الستات كده (1949).

..ومن بداية الأربعينيات إلى بداية الستينيات، شاعت بوفرة تلك الأفلام التى تقوم على اسم مؤنث، وتدور حول طفلة، أو فتاة، أو امرأة تجابه عالمًا من الظروف القاسية، والرجال المتجبرين، مثل: عايدة، رباب (1942)، ماجدة، جوهرة، رابحة، كيلوبترا (1943)، برلنتى، وحيدة، نادوجا (1944)، سلّامة، رجاء (1945)، شهرزاد، راوية، أم السعد (1946)، فاطمة (1947)، عنبر، نرجس (1948)، نادية، أمينة، هدى، جواهر (1949)، ياسمين، إلهام (1950)، ناهد، آمال، زينب (1952)، دهب، عائشة، عواطف (1953)، عزيزة (1954)، فجر (1955)، دليلة، زنوبة، سمارة (1956)، لواحظ، تمر حنة، طاهرة (1957)، عواطف، جميلة، توحة، كهرمان (1958)، هدى، أم رتيبة (1959)، بهية (1960)، وحيدة، فطومة (1961)، حتى بعض عناوين تلك الفترة التى لا تشير إلى اسم شخصية فى العمل، لكن تحمل معنى أو صفة، ظهرت أقرب للاسم المؤنث ومنها: حنان (1944)، وفاء (1953)، غريبة (1958)!

..وفى العصر الذهبى للرومانسية فى السينما المصرية بالخمسينيات، ستلاحظ أن كمًا كبيرًا من الإنتاج السنوى نال كلمة “حب”، ومشتقاتها، فى عناوينه. وصل هذا إلى ذروة مُلفِتة فى نهاية ذلك العقد، لتتراكم عناوين عديدة تقتات – كلها – على تلك الكلمة، إلى درجة الإملال أحيانًا، مثل: حب حتى العبادة، حب وحرمان، نهر الحب، لوعة الحب، وداعًا يا حب، حب فى حب، حبى الوحيد، يا حبيبى، خلخال حبيبى؛ وكلها من إنتاج (1960) فقط!

فى الفترة ذاتها، راجت الأفلام الغنائية، وبالطبع مجرد كلمة “لحن” فى العنوان تكفى للإشارة إلى ذلك، وهو ما ستشهده فى أفلام من بطولة مطربين مثل فريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، ومحرم فؤاد هى: لحن الخلود (1952)، لحن حبى (1953)، لحن الوفاء (1955)، لحن السعادة (1960).

..وطوال الثمانينيات حتى بداية التسعينيات، لجأت أفلام المقاولات الكوميدية إلى هذه الحيلة، لكن عبر عنونتها بصفة تدل على غباء البطل، وترهص بالمفارقات الضاحكة لذلك فى: القفل (1983)، الأهطل (1990)، الغشيم (1991). كما شاعت عنونة الأفلام بمهنة، أو صفة، لشخص هامشى فى: المتسول، العربجى، المتشردان (1983)، الهلفوت (1985)، القرداتى (1987)، اللص (1990).

كلمات تحبها الموضة فجأة!

تحكم الموضة بأن كلمة ما تنال النجومية، وتتصدّر عناوين الأفلام لفترة، فى استسهال أو فلس من صناعها. مثلًا، بين سنتى 1948 و1951، راجت فجأة كلمة “أفندى” لتجدها فى أفلام: بلبل أفندى (1948)، المصرى أفندى (1949)، بيومى أفندى (1949)، السبع أفندى (1951). كذلك كلمة “الشباب”، من نهاية الأربعينيات إلى نهاية الخمسينيات، فى: الهوى والشباب (1948)، طيش الشباب (1951)، شباب امرأة (1956)، شباب اليوم (1958). أما كلمة “ليلة” فحقّقت رواجًا أكبر، ما بين منتصف الأربعينيات حتى منتصف الخمسينيات، فى أفلام: ليلة الجمعة، ليلة الحظ (1945)، ليلة العيد (1949)، ليلة الدخلة (1950)، ليلة الحنة، ليلة القدر، ليلة غرام (1951)، ليلة من عمرى (1954)، ليلة رهيبة (1957)، ولك أن تعرف أن فيلم “ليلة غرام” مأخوذ عن رواية للأديب محمد عبدالحليم عبد الله عنوانها “لقيطة”.

منذ بداية الخمسينيات إلى منتصف الستينيات، شاعت كلمة “طريق” فى أفلام: طريق الشوك (1950)، طريق السعادة (1953)، طريق الأمل (1957)، الطريق المسدود (1958)، نهاية الطريق (1960)، طريق الأبطال، طريق الدموع (1961)، طريق الشيطان (1963)، الطريق (1964)، وكلمة “موعد”، خاصة فى الأفلام الرومانسية: موعد مع الحياة (1953)، موعد مع السعادة (1954)، موعد مع إبليس (1955)، موعد غرام (1956)، موعد مع المجهول (1959)، موعد مع الماضى (1961)، موعد فى البرج (1962)، ومن نهاية الخمسينيات إلى نهاية الستينيات، انتشرت كلمة “سر” فى: سر طاقية الإخفا (1959)، سر امرأة (1960)، سر الغائب (1962)، سر الهاربة (1963)، وكلمة “عذراء” فى: الزوجة العذراء (1958)، نصف عذراء (1961)، بقايا عذراء (1962)، وكلمة “آخر” فى: آخر من يعلم (1959)، آخر شقاوة (1964)، آخر جنان (1965)، آخر العنقود (1966). أما فى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، فكانت موضة كلمة “شيء” فى: شيء فى حياتى (1966)، شيء من العذاب، شيء من الخوف (1969)، شيء فى صدرى (1971)، شيء من الحب (1973).

الطريف أن ضمير “أنا” الذى انتشر بكثافة بين بداية الخمسينيات وبداية الستينيات فى: أنا وأنت (1950)، أنا الماضى (1951)، أنا بنت مين، أنا وحدى (1952)، أنا ذنبى إيه، أنا وحبيبى (1953)، أنا الحب (1954)، أنا الشرق (1956)، أنا وأمى، أنا وقلبى (1957)، أنا بريئة، أنا حرة (1959)، أنا وبناتى، أنا العدالة (1961)، أنا الهارب (1962)—عاد للانتشار طيلة الثمانينيات فى: أنا فى عينيه، أنا المجنون (1981)، أنا مش حرامية (1983)، أنا إللى أستاهل (1984)، أنا، أنا إللى قتلت الحنش (1985)، أنا والعذاب.. وهواك (1988)، وكلمة “صراع” التى فرضت نفسها فى الخمسينيات عبر أفلام عمر الشريف الثلاثة، وأفلام أخرى مثل صراع مع الحياة (1957)، وصراع فى الجبل (1961)، عادت من بداية الثمانينيات إلى بداية التسعينيات فى: صراع العشاق (1981)، صراع الأيام (1985)، صراع الأحفاد (1989)، صراع الزوجات (1992)، صراع الحسناوات (1993)؛ وهو ما يؤكد أن هناك موضات مثل السوالف الطويلة الرجالية، أو النظارات الشمسية الكبيرة الحريمية، لا تذهب إلا لتعود!

..وبين نهاية السبعينيات ونهاية الثمانينيات، انتشرت كلمة “إحنا” فى بداية أفلام: إحنا بتوع الأوتوبيس (1979)، إحنا بتوع الإسعاف (1984)، إحنا إللى سرقنا الحرامية (1989)، وفى النصف الأول من التسعينيات، شاعت كلمة “اللعب” فى: اللعب مع الشياطين، اللعب مع الكبار (1991)، اللعب مع الأشرار (1993)، أو كلمة “لعبة” فى: اللعبة الأخيرة (1990)، لعبة الأشرار (1991)، لعبة الانتقام (1992)، لعبة القتل (1994)، وكلمة وحرف “ليه يا..” فى: ليه يا بنفسج (1992)، ليه يا هرم (1993)، ليه يا دنيا (1994)، بل إنك ستجد اسم بطل سيرة شعبية عربية، متبوعًا بكلمة “زمانه”، فى فيلمين مختلفين ظهرا فى سنتين متتاليين هما: عنتر زمانه (1994)، وأبو زيد زمانه (1995)!

..وخلال التسعينيات، بدا وكأن كلمة “امرأة” تلعب دورًا فى التنافس بين نجمة الجماهير نادية الجندى، ونجمة مصر الأولى نبيلة عبيد، لتطلق نادية الجندى: امرأة هزت عرش مصر (1995)، ثم تطلق نبيلة عبيد: المرأة والساطور (1997)، وتقدم نادية الجندى: امرأة فوق القمة (1997)، لترد عليها نبيلة عبيد بـ: امرأة تحت المراقبة (2000)!

حروف محظوظة

نالت الحروف حظها فى الظهور أيضًا، خاصة فى مدخل العنوان؛ ففى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، شاع حرف “لن” فى: لن أبكى أبدًا (1957)، لن أعود (1959)، لن أعترف (1961)، كذلك تواجد حرف “لا” فى: لا أنام (1957)، لا تذكرينى، لا تطفئ الشمس (1961)، لا وقت للحب (1963)، ليعود أكثر قوة بين منتصف السبعينيات ومنتصف الثمانينيات فى: لا تتركنى وحدى، لا شىء يهم (1975)، لا وقت للدموع، لا يا من كنت حبيبى (1976)، لا يا أمى، لا تبكى يا حبيب العمر (1979)، لا تظلموا النساء (1980)، لا تسألنى من أنا (1984)، لا تدمرنى معك (1986)، وإن كان أوفرها حظًا هو حرف “و” الذى تحوّل إلى موضة محبَّبة للغاية، لمدة 13 سنة متتالية، فى طابور طويل من الأفلام: وكان الحب (1974)، ومضى قطار العمر، وانتهى الحب (1975)، وعادت الحياة (1976)، وسقطت فى بحر العسل (1977)، ومن الحب ما قتل (1978)، ولا عزاء للسيدات، ولا يزال التحقيق مستمرًّا (1979)، وتمضى الأيام (1980)، وقيدت ضد مجهول (1981)، وضاع حبى هناك (1982)، ولا من شاف ولا من درى (1983)، ولكن شيئًا ما يبقى (1984)، وتضحك الأقدار (1985)، ويبقى الحب (1987).

موضة التعبير القانونى

بدون تفسير، فرضت التعبيرات ذات الصبغة القانونية نفسها على عناوين أفلامنا من نهاية السبعينيات إلى بداية التسعينيات. لكن من قال إن الموضة لها منطق يفسّرها؟ فمثلًا، ما الذى أدى لانتشار القمصان المشجّرة فى فترة، وفازلين الشعر فى فترة أخرى؟! على أى حال، شملت هذه القائمة أفلام: القضية المشهورة، القاضى والجلاد (1978)، ولايزال التحقيق مستمرًا، مع سبق الإصرار (1979)، وقيدت ضد مجهول، المشبوه (1981)، إعدام طالب ثانوى، المحاكمة (1982)، القضية رقم 1 (1983)، التخشيبة (1984)، الحكم آخر الجلسة، قضية عم أحمد، إعدام ميت (1985)، الجلسة سرية، البرىء والمشنقة، بلاغ ضد إمرأة، فيش وتشبيه (1986)، لعدم كفاية الأدلة، شاهد إثبات، جواز مع سبق الإصرار (1987)، حالة تلبس، أرباب سوابق (1988)، النيابة تطلب البراءة، بلاغ للرأى العام، قضية سميحة بدران، إعدام قاضى (1990)، اشتباه، البرئ والجلاد (1991)، وتمت أقواله (1992)، تحقيق مع مواطنة، إنذار بالطاعة (1993).

طغى ذلك التيار على أفلام الإنتاج التلفزيونى أيضًا لتشاهد: محاكمة على بابا (1987)، قضية الأستاذة عفت (1988). بل ستعيش كلمة “القانون” عصرًا ذهبيًا غير مسبوق أو ملحوق بظهورها فى عناوين: عفوًا أيها القانون (1985)، المرأة والقانون (1988)، قانون إيكا (1991)، إلى جانب الفيلم التلفزيونى: القانون لا يعرف عائشة (1986)، والفيلم الڤيديوى: القانون لا يعرف الحب (1991)، ناهيك عن تعبير “ضد القانون” فى: أشياء ضد القانون (1982)، رجل ضد القانون (1988)، نساء ضد القانون (1991)، 2 ضد القانون (1992)!

موضة العلم والإيمان

فى السبعينيات، مع حكم الرئيس أنور السادات، انتشرت الدعوة لدولة العلم والإيمان، وفكرة الرئيس المؤمن، ليزداد الاستقاء من الثقافة الدينية فى عناوين أفلامنا، فى موضة استمرت حتى بعد اغتيال السادات سنة 1981 ببعض السنوات. من هذه الأعمال: يارب توبة (1975)، وبالوالدين إحسانًا، حكمتك يارب (1976)، وثالثهم الشيطان (1978)، يمهل ولا يهمل، الجنة تحت قدميها (1979)، ياما إنت كريم يارب، إن ربك لبالمرصاد، كيدهن عظيم (1983)، غضب الحليم (1984).

الشياطين المشاغبين الثلاثة!

استطيب الفيلم التجارى المصرى فكرة الأصدقاء الثلاثة أو الصديقات الثلاث، عبر أفلام معظمها كوميدية أو أكشن، من إخراج حسام الدين مصطفى ومحمود فريد، فى موضة امتدت طوال الستينيات فى: الفرسان الثلاثة، الأشقياء الثلاثة (1962)، العزاب الثلاثة، الشياطين الثلاثة (1964)، المغامرون الثلاثة، العقلاء الثلاثة (1965)، الأصدقاء الثلاثة (1966)، المساجين الثلاثة، حكاية 3 بنات (1968)، الشجعان الثلاثة (1969)، المجانين الثلاثة (1970)، 3 فتيات مراهقات (1973). ناهيك عن شيوع أفلام القصص الثلاثة المنفصلة فى تلك الفترة مثل: 3 لصوص (1966)، 3 قصص (1968)، 3 وجوه للحب (1969)، الكدابين الثلاثة (1970).

ثم حازت كلمة “الشيطان” على شعبية عجيبة، لتبقى فى عناوين أفلامنا لأكثر من عقدين، من نهاية السبعينيات إلى بداية التسعينيات، فى أفلام تضمنت كل الأصناف، لتجدها مفردة فى: الشيطان، ابن الشيطان (1969)، عصابة الشيطان (1971)، الشيطان إمرأة، الشيطان والخريف (1972)، المرأة التى غلبت الشيطان (1973)، رحلة مع الشيطان، وثالثهم الشيطان (1978)، بذور الشيطان (1981)، الأرملة والشيطان (1984)، شيطان من عسل (1985)، دموع الشيطان (1986)، خطة الشيطان، أصدقاء الشيطان (1988)، جزيرة الشيطان، الشيطانة، الشيطانة التى أحبتنى (1990)، الرقص مع الشيطان (1993). أو مفردة ويليها فعل مضارع فى: الشيطان يعظ (1981)، الشيطان يغنى (1984)، الشيطان يجد حلًا (1991). أو جمع فى: هى والشياطين (1969)، نهاية الشياطين (1970)، شياطين البحر (1972)، الشياطين والكورة، الشياطين فى أجازة (1973)، شياطين إلى الأبد (1974)، الشياطين، الأزواج الشياطين (1977)، اللعب مع الشياطين (1991)، شياطين الشرطة (1992). بعدها، يبدو أن السينما تشبّعت من “الشيطنة”، لتهملها على نحو شبه تام!

بعد الثلاثيات والشياطين، شاعت كلمة “مشاغب” بمشتقاتها، من منتصف الثمانينيات إلى بداية التسعينيات، فى أفلام كوميديا تمتزج بالأكشن هى: المشاغبون فى الجيش (1984)، المشاغبات الثلاثة (1987)، رحلة المشاغبين (1988)، عائلة مشاغبة جدًّا، المشاغبات فى خطر (1989)، المشاغب 6، بنت مشاغبة جدًّا، المشاغبات فى السجن، المشاغبات والكابتن (1991)، المشاغبون فى البحرية، المشاغبون فى نوبيع (1992).

****

أهمية الأسلوب وليس التكرار

يقول مُصمِّم الأزياء الأمريكى الشهير رالف لورين: “الأسلوب شخصى للغاية، ولا صلة له بالموضة. الموضة تنتهى بسرعة، أما الأسلوب فيبقى للأبد”. أظن أن هذه الجملة تنطبق على موضوعنا، فاتباع الفنان لشيء سائد قد يخلق منه ببغاء، إنما أسلوبه الخاص يمنح عمله الفنى شخصية متفردة، وينفى عنه سمة التشبه بالآخر؛ وهو ما يفتح الباب للإبداع الحقيقى.

مقالات من نفس القسم