ساعة واحدة في اليوم تكفي للخَبز

عادل ألبوما
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عادل آلبوما

انفتحت العينان أول مرَّة حين أزحتُ القماشة البيضاء التي غطت وجهكَ أو وجهكِ. أهلًا بك ومرحبًا. إن ذاك الوجه يحتاج لدعكةٍ تُظهر مُلامحه أو ندبة بارزة على الجبين، لكنه على الأقل تخمَّر بالكامل ودَبَّت فيه الروح.

لا تجزع حين أُلقي عجينتك بين راحتي كفي، من هنا لهناك، هنا لهناك. الشكل ليس جميلًا بالقدر الكافي كما تصورتُ في خيالي، لكن لا بأس؛ أنا أحبك على أية حال. والآن يرقص قلبًا فرحًا وأنت تُحاول جاهدًا الوقوف على ساقيك الطريتين – هيا، ستفعلها يا بطل – فتنسكب واقعًا على الأرض. أيوجعكَ/كِ هذا بأي شكل؟ وجعٌ هين بسيط أم وجع شديد يستدعي إعادة تشكيل؟

لك كل الحق أن تستغرب مِن هيئتك تلك ومِن الصوت الذي أُخاطبك به مُستخدمًا ضمير المؤنث والمذكر للإشارة لك. يؤسفني القول أنه حتى أنا، بكل ما فيَّ من مقدرة، لست متأكدًا تمامًا من تصنيفك. بل أني لست واثقًا من أهمية خلق فتحة شرج لمخلوق مِثلُك لن يتبرز أبدًا!

أسمعكَ/كِ تصرخ بعلو صوتك: «أخبرني مَن أكون يا صاحب الصوت؟» ولا يأتيك مني أي رد.

حسنًا، لا داعٍ للجفاء عليك، ولتأخذ ماء الحقيقة مُقطرًا يا حيواني الأليف. الإجابة ببساطة: أنك بُرهاني على عدم إضاعتي لوقتي وحُجَّتي. إنكَ/إنكِ تريد أن تعرف على الأقل جنسك، لكنك  لا تجد ما يوحي لك بأي شيء. هل صدقتني أخيرًا؟

تركع أمامي راجفًا، وأنت خائف من عِقابي لك على فضولك. وتبدأ في الشك بوجودي أنا من الأساس,؛ فأي خالقٍ ذاك الذي لا يعرف جِنس مخلوقاته وصنفهم؟ ورغم ذلك أصفح عن نكرانك لجميلي،فاعلم أنه في مقدوري أن أمحيك من الوجود أو أن استبدلك بعجينة أكثر طوعًا، لكني لا أستطيع فِعل ذلك.

أنا مجرد خالق رحيم.

ربما هو خوفي من نسيانك طيَّ الذاكرة، أو لادراكي أن وجودك آنس وحدتي حتى وأنت تُنكر فضلي عليك. اصبر فقط، إنك ستستوي في يوم ما وتصير لك شخصية مُستقلة عني. تضحكني تلك الفكرة كثيرًا. حتى أنك قد تؤمن بأنك نتاج نفسك بنفسك؛ مخلوقٌ وُجدَ من العدم.

هل تريد أن أُخزِّق عينيك بالدليل على وجودي، أم تريدني أن أزيل من رأسك كل تلك الشكوك؟ بعدها، سيبعث ذلك فيك تساؤلًا ساذجًا، تسألني إياه وأنت تلتفت حواليك باحثًا عني: أكنت يا صانعي موجودًا قبل الأبدية؟ أم كان الوضع بالعكس وأنا الذي خلقت كينونتك بتأملاتي؟

لا تعليق عندي على ذلك. لكن ها قد حانت اللحظة التي انتظرتُها مُطولًا منذ عدة أشهر. فرقعت بأصابعي، هكذا، لكن لا شيء تغيَّر. تكرر ذلك معي في الآونة الأخيرة، منذ بدأت كتابة قصتك على هذه الصفحات، فما عُدت أستغرب من تلك الحوادث الطفيفة.

لمعالجة ذلك أنتظر للحظة أو اثنتين وأكرر فرقعتي لأصابعي.

هيا بنا، فلقد حانت اللحظة التي انتظرتُها مطولًا. وسأزداد سعادة لو أسمعتني صوت تصفيقك الحاد.

(صوت تصفيق حاد).

تفضل معي، فأنت الآن شخصيتي الرئيسية في روايتي القادمة. لذا، أهلًا بك ومرحبًا!

 

مقالات من نفس القسم