البهاء حسين
لماذا لم تخلقنى وسيماً يا الله
لتحبنى “روح”،
لأضيء
:
أحببتُ كثيراً
عرفت معنى أن تطلع عليك الشمسُ فى غابة مطيرة
رأيت القمر والسُحب
رأيت من بين الأغصان النجوم
لكنى تأكدتُ الآن أن عمرى
كان فارغاً قبلها
،،
يدركك الحب
ولو كنت فى برج مشيّد
فى نفسك
فى الزنزانة يكون الحب نافذتك
،،
كان يمكن أن أكون مفهوماً لو أن ملامحي وسيمة
الوسامة تقولك في صمت، بلا لعثمة
لكنني منذ الطفولة أحتاج إلى تبرير ملامحي حتى للعدسات
:
لدى كل منا ما يقوله عن حظه
لكنني ما زلت أحلم، حتى في الخامسة والخمسين
أن يتدخل الله لتصحيح الوضع، في ليلة القدر مثلاً
وقتما شاء
المهم أننى بحاجة لمعجزة تغير شكلى ولا تغيرنى
بحيث أظل كما أنا، كأن شيئاً لم يكن
كأننى ولدتُ وسيماً يا الله
بعينين واسعتين، وأنف جميل
بأسنان تلمع
أريد أن أضحك بفم مفتوح
من قلبى
سيطول عمرى، لأن “روحاً” أحبتنى
لذلك أنا بحاجة لأن أصالح المرآة
أريد أن أرى نفسي
أريد أن أضيء فى الظلمة
:
حتى ” روح” تراوغ العدسة
تميل برأسها، فى كل صورة، ناحية اليسار قليلاً
كى تستر ثغرتها
،،
منذ الطفولة وأنا أدفع ثمناً لسحنتى
لأخطاء لم أرتكبها
وحين وصلتُ إلى الشيخوخة ازدادت الفاتورة
أما “روح ” فكانت ترى الحياة من “صندوق الدنيا”، وهى طفلة
غير أن أحداً لم يترك لها الصندوق
،،
الموت غريم قديم
لكن الحياة تصبح غريماً أيضاً
حين تعمل ملامحك ضدك
،،
الوسامة تجعل عيون الغرباء صديقة لك
تحبك العيون، غير أنى أريد أن أكون وسيماً، لأحبً نفسى
لأواسي وجهى الذى لم ينتصر أبداً فى معركة
أريد أن أسامح أبى وأمى، على الجينات
“روحى” تريد أن تشفى
،،
الحظ السيئ، كالحمل
لا يمكنك أخفاءه
:
لا تستأذنك الرسائل، كى تصل إليك
الملامح
لا يستأذنك الحبُ قبل أن يطرق الباب
قبل أن تهبّ العاصفة
تتواصل فقط مع الطير
،،
عندما تحب تتحول عيناك إلى نجمتين
تقودانك فى الغابة
:
أحببت كثيرًا
كنتُ محظوظاً يا حبيبتى فى الحب
لذلك أدخل نفسى
غرفتى المظلمة
زنزانتى، من دون خوف
،،
أنا وطواط يا ” روح”
أفهم الأماكن الخربة بغريزتى
أفهم النور حين يغرى الطاووس باستعراض أجنحته
أفهم الوقت
أن أعمارنا تجرى بسرعة أمام أعيننا، دون أن نعيشها
نصل بسرعة إلى الموت، دون أن ينادينا
كل لون يخفى تحته ندبة
كل جمال لا بدّ له من ثغرة
،،
كان جدك يدلّ ذراعيك على التحليق
كانت الأرجوحة تدلّ ساقيك
لكن الألوان لم تجعل الطواويس تطير
،،
لا يجب أن تحدق طفلة وحدها فى الدنيا
طفلة بجديلتين
بخيالين
،،
فى أى ركن بين الكراكيب نجد موضعاً لأقدامنا
بأية عين يا روحى، الواسعة أم الضيقة
يجب أن ننظر، لنتحاشى حظنا العاثر
،،
من حسن الحظ أن تُصاب بنكبة قابلة للتجميل
بإمكانك الآن أن تشترى الوسامة
كأنها قطعة ملابس ملونة
لكن لا شىء يمكنه أن يعوّضك
إذا فاتك الحب
،،
أحياناً عليك أن تستسلم، لتنتصر
يكفى أن تكون هناك “روح” بجوارك
ترسل لك باقة ورد كثيفة كل يوم فى الماسينجر
وهى تقصد أحزانها
كأنها تخفى فى جوفها، فى صندوقها الأسود
أحزان طائفة ترى السماء بطريقة مختلفة
:
مثل قلبك
لا تتسعُ السماء سوى لإله واحد
لكنها تتسع لكل العيون
،،
تؤجل حبيبتى حياتها، حتى تخرج من جلدها
من البيت الذى دخلته بطريق الخطأ
البيت الذى يلطمها كل يوم
منذ عقود
تنتظر حبيبتى النور
ربما تحررتْ من الألوان
ربما استطاعت أن تصادق العدسة
:
الجمال طاووس سيئ الحظ
كلما أراد أن ينشر أجنحته ردها القفص
،،
الألوان نعمة لا تحتاجون إلى أن أكلمكم عنها
الحب كذلك
لكنّ الجمال مصيدة
ماذا تقول للغابة، إذا انتهى بك السير إلى حافة الجبل
ماذا تقول للجبل وأنت تحدق فى الهاوية
سوى أن تفتح فمك وعينيك على اتساعهما
أن تخرج من نفسك بشهقة واحدة
:
آية ملامح تريدها لوجهك أحلى
من امرأة جميلة إلى حد الفزع
امرأة تحبك لمدة قصيدة
امرأة تحبك مدى الحياة.
لماذا لم تخلقنى وسيماً يا الله
البهاء حسين
شاعر مصري من مواليد سوهاج فى 18 مايو 1969م، ويعمل صحفيا بجريدة الأهرام
صدر له:
- نفس البحر، شعر، هيئة قصور الثقافة 1999 م
- تأويل العابر، كتابات نقدية، هيئة قصور الثقافة 2000 م
- البحر كالعادة، شعر، هيئة قصور الثقافة 2001 م
- عود ثقاب أخير، شعر، الهيئة العامة للكتاب 2002 م
- نص الكلاب، شعر، دار فرحة، 2003 م
- قريبا ًمن بهاء طاهر، محاورات وملامح، المجلس الأعلى للثقافة 2004 م
- آثار جانبية للسعادة، شعر، أصوات أدبية، هيئة قصور الثقافة، 2008 م
- صيد وحيد، مختارات شعرية، كتاب "إبداع" هيئة الكتاب 2010م
- بكل جسدى .. بكل طفولتى، شعر، دار العين، 2011 م
- يمشى كأنه يتذكر، شعر، الهيئة العامة للكتاب، 2020م
- الأحياء يخبرون قصتهم، حوارات عن مبارك وعصره، دار روافد 2021م
.
قيد النشر:
- جردل فارغ ثقبته الظروف، شعر
- عجل يلهو أمام أمى، كلب يلهو أمامى
- تأخذنى الخطوة، يأخذنى الطريق، شعر
تصفح مقالات الكاتب