عائشة محمد
في كل يوم يمر نكتشف شيئاً جديداً كوننا بشرا. نرى ونسمع كيف يكون سلب الحرية وانتهاك الحقوق بطرق مختلفة مبتكرة يُبيحها القانون! والجميع شهود، ولكن لا أحد يتكلم لماذا؟ بماذا نُسكت الضميرالانساني؟
تُسكَت الضمائر بحفنة من التبرعات التي من بعدها تعتاد الأبصار رؤية المجازر والانتهاكات البشرية كفيلم وثائقي كتلك التي تدور بين الحيوانات المفترسة كي نتعرف على هذا السلوك الجديد ولإشباع بعض الفضول لدى بعضنا. نتكلم بالقيم والأخلاق النبيلة وندعي الحضارة والازدهار والإنصاف العادل والنمو المتطور ونرى هؤلاء المظلومين المباديين عثرة أمام تقدمنا نحاول بشتى الطرق تخطيها بأقل الاضرار الممكنة. هذا واقعنا الذي نستمر بالعيش فيه والتباهي بالحياة التي نعيشها بحقوق ومبادئ القانون.
كيف للبشر أن يخضعوا لقانون ظالم لا يتساوى أمامه المظلوم والجاني؟ والأفضلية فيه تكون للجاني ويُعرف للعلن كمسكين يحاول الدفاع عن نفسه! من الوحشية والظلم الذي تعرض له بسبب ارتكابه للمجازر والإبادات كيف يُحاسب الضحية على وحشية جلاده؟ في واقعنا يحدث ذلك وأقصى ما يصدر منا التنديد والإدانة التي تعبر عن مستوى عالي من رد الفعل على تلك الوحشية التي ترفضها الإنسانية.
الى متى تُبرر أفعال المجرمين؟ ويقع اللوم على الضحية التي لم يكون لها أي ذنب سوى أنها أصبحت هدفاً لجانيها الذي أسرف في طغيانه، فكما قيل من أمن العقوبة أساء الأدب. في واقعنا لم نكتف بتأمين ودفع وتملص الجاني من العقوبة بل بلغ بنا الظلم لدرجة محاربة الضحية المظلومة كونها هدفاً للجاني.
واقع يستنزف فيه الإنسان ذا الطبيعة الفطرية ويدفعه لذهول لا ينتهي من الأحداث التي يستنكر لها العقل ولا يقبلها المنطق السليم وترهق الضمير الحي الذي يحتار فيما يستطيع فعله لإنقاذ الإنسانية التي باتت تتلفظ أنفاسها الأخيرة.
الوضع الطبيعي للقانون والغرض الحقيقي لوجوده واحترامه وتقدير سيادته هو تحقيق العدالة، ولكن كيف سنرضى بسيادة تتناقض مع نفسها كيف يحاسب المفعول على طغيان ووحشية الفاعل الذي بطبيعة الحال سيتمادى لأقصى درجات الطغيان والظلم؟!
سنرى مع مرور الزمن وتقدم الأيام ودوران الحياة حتى متى سنستمر في الخضوع وتغفيل العقل وإسكات الضمير والحال المردي الذي سنمشي إليه.