محمد عرب صالح
في المَرَّةِ الأُولى..
وقد أَطفأتُ مِصباحي وطَيَّرتُ الفَراشَ عنِ
القصيدةِ..
رَيْثما يَخْـبُو لَهيبُ المُفرداتِ على مَعانِـيها
الجَديدةِ..
رَيثما تَجْتاحُ قَريَتَنا الخُيولُ..
رَمَيْتُ عنْ كَتِفَيَّ أيّامِي،
وعنْ كَفّي غُبارَ مُصافَحاتٍ لَستُ أَذْكُرُها..
وعنْ عَينِي شَوارِدَها،
وحاطَ بِيَ الصَّهِيلُ..
أَحَطْتِ بِي..
هَيَّأْتُ كلَّ جَوارِحِي ونَظَرتُ نَحوَكِ
مِثلما: نظرَ المُفارِقُ للمُعانِقِ،
مثلما: نَظرَ المُرِيدُ إلى المُرادِ،
ومثلما: نَحوَ “الكَثيرِ” مِنَ الندى.. نَظَرَ “القَلِيلُ”
المَرَّةُ الأُخْرى.. هناكَ
مِنَ البقاءِ الصعبِ في هذا الزحامِ
إلى السكونِ الرَّحبِ في ليْلِ الصحارَى
فاتَني رَكْبِي وتَوَّهَنِي الدَّليلُ
أنا الحصانُ..
أسيرُ صَوبَكِ حافيًا مِن حدْوتِي
وعَليَّ.. حَتَّى أَبلُغَ النَّبعَ البَعيدَ
بِأنْ يُفِتِّتَ حافِري الصبرُ الجَميلُ
سَأٌحَرِّرُ الصَّهلاتِ مِن حَلْقِي
وأَسْكُبُ ساعةً رَمليةً بِفَمِي
وتَأخُذُني مِن السرجِ القَصِيرِ مَصائري
وتَشُبُّ في قلبي نُدوبٌ لا تَزولُ
أنا الكلامُ (مجردٌ من نَقْطِهِ)
أَنَاْ شَهقةُ العَجلاتِ في السفَرِ الطويلِ
وكُلُّنا سَفرٌ طَويلُ
أنا الخُطوطُ الحُمْرُ (قَلَّ عُبُورُها)
وأَنا التَّشتُّتُ في الجِهاتِ..
أَنا الوصُولُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شـاعر مصري
من ديوان “مركب ورقي يحرس النهر” .. على القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2023