فتحي مهذب
بيت اللغة
فقدنا مراكبنا في براري النوم ..
فقدنا أسماء الله الحسنى في الحانة..
أصابعنا في الحرب ..
صرنا نكتب بدموع العين..
ونفسر سرعة النهار بقفزة كنغر..
ونخطط لاعتقال براهين المهرج..
بقضمة واحدة ..
بأسنان جنود المارينز..
سقط بيتنا مثل سفينة عذراء
في قاع عبثي ..
واغرورق ألبوم العائلة بأزهار الغياب..
فر أبي إلى مستشفى المجانين..
ليصير قائد أوركسترا في لوحة حائطية..
يسعد جوقة الأشباح بسعال متقطع..
لا يرى العالم إلا بباصرة اللاوعي..
ويقول لغيمته الأليفة دثريني..
بينما تحول شقيقي الأصم إلى غراب..
ينعق طوال اليوم في أقصى المدينة..
واختفى الآخرون في كثافة اللامرئي..
صرت أسكن بيت اللغة ..
لست وحدي في هجرتي الأبدية..
في الظهيرة نقطف مشمش المجاز..
نشحن أكياس المخيلة بفواكه نادرة جدا..
كم كان عذبا وعميقا هذا التطواح
في بيت اللغة .
**
أنا ابنك المطارد يا سبارتكوس
سأنزع كبدك يا ماركوس لوشيوس كراسوس
وأرميها من شباك الطائرة..
لتلتهمها النسور في الأعالي..
سأقطع رأسك المهوشة بأسناني..
سأهدي قوسك ورماحك لمتسول ضرير..
بزتك العسكرية لسجين سابق..
أنا جلاديتور الملعون..
سأحرق روما الحديثة
وأعيد المجد لجبل فيزوفيوس..
سأعيد زرقاء اليمامة إلى بغداد
لترصد حركات النجوم
ومضارب القتلة ..
أنا إبنك المطارد يا سبارتكوس..
قاهر الفهود وصانع الرياح..
سيد الينابيع الزرقاء..
ليتبعني العبيد ونساء تراكيه..
دراجون نيام ببنادق صيد..
جدول مصاب بجنون الفلاسفة..
امرأة تنبح في جنازة مثل جرو بائس..
أوركسترا جنود فروا من مملكة هاديس..
طيور العقعق الحزينة..
سألعق حليب مسدسي وأخرب
خيمة النبلاء..
سنقاتل التنين الأسود في الغابة المسحورة..
سأجرك يا روما الرجيمة إلى الهاوية.
***
رصاصة الزومبي بنكهة الأناناس
الوجه الميت
تبا لأغصان الوجه الميت!۰۰
وجهك شجرة مكسوة بالثلوج والفقمات النافقة.
الضريح عربة ملأى بالكاكاو.
سيذهب الموتى إلى الكازينو
حاملين نعوشا من الذهب الخالص.
فرقعات مفاصل الباص على كتف الجسر.
الجسر سيسقط مكتظا بدموع زرقاء.
الموسيقى تهطل من ثديك الرصاصي
رصاصة الزومبي بنكهة الأناناس.
خلصيني أيتها الرصاصة من التحديق اليومي في أسرار المغارة.
المنتحرون يجرون ثيران الساعات الحرجة.
المنتحرون جيدون للغاية
سيلتهمون الشمس آخر النهار
وينامون متأثرين بعضة النسيان.
أيها الكناري لا تمت الآن
أيها المايسترو الحزين.
الحديقة مغمى عليها
الأزهار جثث هامدة.
القساوسة يأكلون لحم الرب
يربطون السماء بإيقاع المثانة
تحت معاطفهم تخطط الثعالب.
الصلاة أرنب نافق.
والمحبة فأس من البرونز
جنازتك عذبة
التفكير يمطر بالضفادع.
السماء صيرفي ضرير
ضحكتك ساق عرجاء
صمتك جاهز لقتل إوزة السهو
أيها العابرون
ستندمون طويلا في المغارة
ستسقط الحجج الهشة من أطراف أصابعكم
بينما السحرة يرتمون في البئر
لإضفاء النعومة على وبر المخيلة
أيها القتلة
بنادقكم قش ونميمة
ومطاياكم منذورة للهلاك
الشمس ترضع قطار الساعة الواحدة ونصف.
المسافرون حمام زاجل
والكلمات
ضفائر ذهبية.
أبي غيمة في كنيسة النهار
مليء بالأقفاص
يضربه المشاؤون بجزمة المسكوت عنه.
المفكرون انتحروا ليلة أمس
مخلفين غبارا كثيفا في المبغى
أحبك
أحب سطوع قبرك في الظهيرة
صوتك المختبئ في أدغال رأسي
موتك أكذوبة كبرى
تابوتك غزال يحمل الملائكة
إلى دار الأوبرا
تابوتك شقيقي الأكبر
أوقظ مصباحي كل ليلة
الطريق مدججة بقطاع الطرق
ومجوهرات مخيلتي
تتلامع في المنعطف العبثي
شيعنا المنظرين الكبار إلى الهاوية
شيعنا الأرمل بلباس كنسي
يتبعنا لفيف من اللاأدريين إلى بنات نعش.
كانت أجراس الأحصنة ممتعة للغاية
التأبين دلو مليء بمكعبات المطر
البلاغة أرنب هش
طلقة إثر طلقة
الأحدب الصغير
يستدرج أشباح يوم السبت الأسود
إنتحر برهانك ذو العينين الثاقبتين
طاردتنا ذئاب البراقماتيزم
رفقا أيها الفراغ الطازج
تكلم يا رب
ليصغي إلى نبراتك المنكسرون والثكالى
المراكب مطوقة بزئير المتناقضات
شمس ٢۰٢١ متآمرة ولقيطة
والعربات وحوش من السيراميك
وأخي الأشقر الحزين
بعصابه المترامي
تشربه سحلية النهار
أمام جوقة من العذاب الخالص
كان الله بعيدا جدا عن صراخ العالم.
العالم سمكة سلمون
والعدم دب قطبي
ما أشقاك أيتها الحرب.
**
بسرد متقطع
بسرد متقطع
أصعد إلى ربوة كتفيك ..
دقات قلبي مطر خفيف..
يساقط على قرميد الجسد..
لأن حمامة روحي عالقة بعمودك الفقري..
لأن الهدية الثمينة التي حظيت بها
كانت رصاصة طائشة في القلب..
الحرب ملأت بيوت الجيران
بالدموع والتوابيت..
والجنود الذين ماتوا مساء
خلفوا نصوصا عميقة في مخيال المعزين..
كنت أصغي إلى أوركسترا البنادق.
رقصة القناصة على حبل الهواجس..
كنا نشيع قتلانا مثل نيازك مذعورة.
ندع بريدنا في صندوق الأبدية..
نخاتل وعول الموت في الممرات الضيقة..
كل يذهب إلى سماء حبيبته
على براق المخيلة ..
ليخفف من وطأة المنفى
والغبار العائلي.